حميد زيد-كود//
من حسن حظك أنك بعيدة يا أمريكا.
حميد زيد-كود//
من حسن حظك أنك بعيدة يا أمريكا.
ولا حدود بيننا.
ولا بحر.
وإلا كان التعب الشديد قد أصاب رجال الأمن المغاربة. كما حدث مع إسبانيا. وهذه المرة بسبب الشركي وموجة الحرارة المرتفعة التي تعم معظم مناطق المغرب هذه الأيام.
فتراخوا في المراقبة. وفي حراسة المعابر. والنقاط الحدودية.
و لاستغل أطفالنا ومراهقونا الوضع وهاجروا إليك سباحة يا أمريكا.
ولتفرجنا فيك وأنت عاجزة عن التحكم في آلاف الأطفال وهم يعانقون الحلم الأمريكي.
و لوضعناك في موقف حرج.
و لاحتللناك في دقائق. وغيرنا ديموغرافية مدنك.
ودفاعك الانتقائي عن حرية التعبير والصحافة.
ولكان لنا معك كلام آخر.
لكنك بعيدة يا أمريكا للأسف الشديد.
ولا يمكننا أن نتعامل معك كما تعاملنا مع جارتنا الشمالية.
كما أنه من المستحيل أن نغزوك.
وليس ممكنا أن نهاجمك. وأن نتراخى. ويصيبنا التعب. ويفر إليك صغارنا. تودعهم أمهاتهم بجلابيبهن وبيجاماتهن.
وليس سهلا أن نتفاجأ.
وليس بالإمكان أن نقول لك إن المغرب ليس دركي الولايات المتحدة.
وليس هناك سبتة. ولا ماروخا. ولا مورتديلا مفقودة.
وليس سهلا أن نرد عليك كما فعلنا مع جارتنا إسبانيا.
وليس متاحا لمصطفى الرميد أن يمد رجليه.
وما يحول دون أن نلقنك درسًا لن تنسيه يا أمريكا.
وما يجعلنا مترددين في وضعك عند حدك أنك دولة عظمى. ومؤثرة.
ومن يفكر في أن يقطع علاقته بك.
ومن يرد عليك في الصحافة بالعربية الفصحى.
ومن يخاطبك كما لو أنك ستسمعينه.
وأحمق من يرفض تدخلك في القضاء المغربي.
لأنك يا أمريكا تفعلين ذلك منذ عقود.
وهذه هي طبيعتك. ومن نحن حتى نغيرها.
ولهذا فنحن صامتون. ونمشي على البيض.
وليس لنا إلا أنت يا أمريكا.
ولا نخفي أننا نعول عليك كثيرا. ونعتبرك سندا لنا.
ولذلك لم نرد عليك بعد. ولم ندافع عن أنفسنا.
ولم تظهر بعد نزعتنا الوطنية.
ولم نتعبأ بعد للهجوم عليك.
ولم نمارس دبلوماسية الهجوم والبلاغات.
ولم يظهر المغاربة المستعدون للمواجهة.
ولم نقل لك إن مغرب اليوم ليس هو مغرب أمس.
وأنه عليك أن تستوعبي ذلك جيدا.
وأن لا تنظري إلينا بنظارات الماضي.
لأننا نعرف أنه لا أسوأ من أن تذكرك أمريكا بالاسم.
من هذا المندفع المتهور الذي يرد على أمريكا.
وبعد أن اعترفت يا أمريكا بالصحراء المغربية.
وبعد أن حرضتك إسبانيا علينا ولم تهتمي بتوسلاتها.
وكنا على يقين أنك ستغضين الطرف كما تفعلين يا أمريكا مع كلأصدقائك الحقيقيين.
ومع من تربطك بهم مصالح كبيرة.
وكنا نظنك في صفنا. قبل أن تفاجئينا بهذا التدخل.
لكنك خذلتنا يا أمريكا. ولم تقدري حجم الصداقة التي تربط بيننا.
ولم تخبرينا في السر. ولم تتصلي بنا.
وفضلت أن تفضحينا أمام الملأ.
ورغم ذلك. فإننا سنعتبره مجرد عتاب منك.
ومجرد مبالغة منك في الصداقة.
وأنك راغبة في أن ترينا أجمل وأكثر حرية من كل جيراننا.
ومن كل من يشبهنا في المنطقة. وفي هذا العالم الذي تعتبرينه عربيا.
وكأنك يا أمريكا تدفعيننا بهذا الموقف إلى التطرف.
وإلى عرقلة فرص السلام الدافىء.
وإلى الارتماء في حضن الراديكاليين.
ولو كنت قريبة منا لكان لنا موقف آخر منك.
ولندمت ندما شديدا على ما نطقت به في حقنا.
لكنك بعيدة يا أمريكا للأسف. وقوية. وعظمى. ومؤثرة.
ولا نعرف حقيقة ما ذا أصابنا.
ورغم أن الوضع مستقر في المغرب.
ورغم أننا حققنا انتصارات كثيرة وكبيرة في الأشهر الأخيرة.
ورغم أنك يا أمريكا في صفنا.
فإننا لا نعرف سببا يجعلنا مترددين في تحقيق الانفراج الذي يدعوإليه الجميع.
وكيف نصبح أكثر ديمقراطية. وكيف نتمتع بالحرية.
كأن عائقا ما يحول بيننا وبين أن نطوي هذه الصفحة.
كأننا نخشى أن نندم. حين نتخلص من عاداتنا السيئة.
كأنه قدر أن نظل مترددين. وحذرين من بعضنا البعض.
كأن الحرية المعلقة طبيعة مغربية.
ورغم أن لا خطر يتهددنا في الداخل
ورغم أن الفرصة مناسبة لنتميز عن كل جيراننا.
فإننا مسؤولون عن هذا الصمت
الذي لم تنتبهي إليه يا أمريكا
وهو أخطر من كل الاعتقالات
ورغم قوتك يا أمريكا فإنك لم تنتبهي إلى كل هذا الصمت المريب.
ولو كنت جادة في دفاعك عن حرية الصحافة.
لانتبهت إلى هذا الصمت المريب. وشككت فيه. وحققت في أسبابه.
وطالبتنا بالتوقف عنه. وبوضع حد له.
هذا الصمت الذي لم يعد أحد قادرا على تحمله في المغرب.
وحيث لا فرق بين كل الأحزاب.
ولا فرق بين كل المنابر الصحافية
وكلنا صرنا رغما عنا نشبه بعضنا البعض.
لما سكتنا لحظة. ولما دورناها في رؤوسنا.
ولا يمكننا أن نسبح كي نصل إليك.
ولا يمكنك بالمقابل أن تستوعبي ماذا يقع في المغرب بالضبط.