حميد زيد – كود//
لم يسبق أن قالها أحد في المغرب.
حميد زيد – كود//
لم يسبق أن قالها أحد في المغرب.
لم يسبق لرجل سياسة أن قال:
خسرت حزبي. وخسرت بعضا من الدولة. وخسرت عائلتي.
وكل هذا دفعة واحدة.
وفي لحظة وجد الرئيس السابق لجهة كلميم واد نون نفسه وحيدا. وغير مرغوب فيه. وخاسرا كل ما يملك.
ولا أبناء عمومة معه.
ولا قبيلة.
ولا حزبا ينتمي إليه يقف في صفه. وبالمقابل يفضل حزبه ابنة العم. ويدفع بها لتحل مكانه.
ولا دولة. و يرى أن بعضا منها خذله. وتخلى عنه.
وكم قاس ما كتبه عبد الرحيم بوعيدة في رسالته الأخيرة.
وكم هو مؤلم.
وكم هي السياسة قاتلة.
وكم هي مستعدة للتضحية بأقرب الناس إليها.
وغالبا بلا سبب مقنع. ولا منطق.
وما كان يجعله مطمئنا. وما كان يستند إليه. والأصل. والدم. والارتباطات. والانتماء.
كل هذا تحول إلى خصم.
كل هذا. الذي هو. والذي منه. خطط لنهايته.
وما كان يحدث في القصص. وفي الحكايات القديمة. حدث لعبد الرحيم بوعيدة.
وهو الآن وحيد.
مجرد فرد. وأعزل. وفي قلبه غصة.
والفرد في بلادنا لا قيمة له.
فما بالك إن خسر بعضا من الدولة وخسر العائلة والحزب.
الفرد منته سياسيا حين يفقد كل هذا دفعة واحدة.
الفرد مغضوب عليه.
وليس بمقدوره أن يعود. ولا أن يكون له رد فعل. ولا أن يدافع عن نفسه. ولا أن يقاوم.
ولا حل إلا أن يختفي عن الأنظار. وينسحب.
وليس معه أحد.
ولا أغلبية سابقة. ولا أقلية.
وليست معه صحافة. ولا أقرباء.
والأتباع والأنصار سينفضون من حوله. وسيذهبون مع ابنة العم.
ومع الحزب وقد ضحى به. وتخلى عنه في الصحراء.
وقد لا ينتبه كثيرون لتلك الجملة التي جاءت في رسالة عبد الرحيم بوعيدة.
لكنها معبرة.
وفيها حزن. وفيها قسوة السياسة. وفيها شعور فظيع بالخذلان.
لقد فقدت كل شيء.
وفقدت حزبي وعائلتي وجزءا من الدولة
وفقدت منصبي. وموقعي.
كما لو أننا في ملحمة من الملاحم الكبرى.
بينما لا شيء يعود في السياسة.
ولن يعود عبد الرحيم بوعيدة مظفرا. ولن يسترجع ما فقده.
ولن يعتذر له أحد.
ودون رغبة منه صار الابن الضال. وتائها في الفيافي. لا يعرف أي وجهة يقصد.
ولمن يشكي حاله.
وهل يذهب إلى الخصوم.
وهل يرحل إلى أرض أخرى.
ولهذا كله أتضامن معه.
فما أقسى أن تكون وحيدا. وأنت بين أهلك. وحزبك.
وما أصعب أن يقع لك ما وقع لهذا الرجل.
وأن تضطر إلى أن تكتب: خسرت حزبي وبعضا من دولتي وعائلتي.
دون أن يسمع صرختك أحد.
فيا لها من عبارة