حميد زيد – كود//

كان منتظرا جدا أن يستقيل من مجلس جماعة القنيطرة.

وأن يجمد كل أنشطته في الحزب.

كان هذا متوقعا.

فكم عانى عزيز الرباح من عبد الإله بنكيران.

وكم تنمر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عليه أمام الإخوان. وأمام كل المغاربة.

وكم حد من طموحه.

وكم وقف في طريقه. وكم عرقل تقدمه. وكم أشار إليه بالإصبع.

وكم شك بنكيران في الرباح.

وهو الذي قال له مرة. في مدينة أكادير. وأمام الملأ “شد الصف”.

أي لا تتعجل.

ولا تحاول أن تأخذ مكاني.

ولا تتسلق.

ولا تعتمد على غيرك.

وكم لمّح نكيران دون أن يفصح. ودون أن يشرح لأحد ماذا كان يقصد.

وكم هاجمه بطريقته و بأسلحته المدمرة.

وكم جعله يتراجع إلى الخلف.

وكم حاول أن يؤكد كل ما يروج حول الرباح من شائعات تقول إنه مرشح ليكون البديل.

وقد تأخر عزيز الرباح كثيرا في اتخاذ هذا القرار.

وقد كان عليه أن يذهب منذ مدة. لأن العيش مع بنكيران في نفس الحزب كان كما يبدو لا يطاق بالنسبة إليه.

كان عذابا يوميا.

كان عليه أن لا يظل ينتظر أكثر مما انتظر. وأن لا يضيع الوقت.

وبعد أن تبخر الحزب. وكأنه لم يكن.

كان عليه أن يستغل الفرصة.

لكن الرباح ظل صابرا. و متحملا. ومنتظرا في نفس الوقت نهاية بنكيران. بينما هذا الأخير يرفض أن “ينتهي”.

ولذلك كان طبيعيا أن يذهب عزيز الرباح.

فلا يمكنه أن يظل ينتظر صامتا. و مبتعدا. ولا تأثير له.

لا يمكنه أن يظل طويلا في حزب لم يعد يملك أي شيء.

ولا فريقا في البرلمان.

ولا مدنا يسيرها.

ولم يعد في الحكومة. ولا في في أي شيء.

ويقوده. زيادة على ذلك. زعيم. لن تعرف متى يتنمر عليك.

ومتى يهجم عليك أمام الشباب والشيوخ. وأمام الأهل. وأمام الابنة.

بينما يظهر أن طموح الرباح كبير. ولا يمكن أن يقضي وقته في إعادة البناء. وفي الحنين. وفي تذكر التاريخ. وفي مواجهة بنكيران. وفي تجنب إغضابه.

ولا يمكنه أن يستمر في حزب تعرض فيه للتنمر من الأمين العام.

ولا أفق ولا مستقبل له فيه.

لذلك كان من المتوقع أن يستقيل وأن يجمد كل أنشطته.

وأن يهيء نفسه من الآن.

فهذا وقت مناسب جدا كي يستعد ويتدرب على الانتخابات. وعلى الاستقطاب.

وعلى القيادة.

هذا وقت مناسب لتجريب المبادرات. ولجس النبض. ولاقتراح البدائل.

هذا توقيت أكثر من رائع ل” التفرغ” للعمل في المجتمع المدني. وخدمة الشباب. والتنمية. وهذه كلها كلمات تعني في المعجم السياسي المغربي عكسها تماما. وهو التهيئ لمبادرة سياسية جديدة.

فمن يدري ماذا سيقع في المستقبل.

وماذا سيكون مصير الإسلاميين الإصلاحيين. الذين وجدوا أنفسهم فجأة. خارج كل الحسابات.

وقد يأخذ الرباح معه بعضا من العدالة والتنمية.

وقد يخرج طبعة مزيدة ومنقحة و خالية من الإسلام السياسي. ومن الاستقلالية. ومن بنكيران.

وقد يصنع مجدا شخصيا له.

وقد يفشل

وقد لا يجد موطىء قدم له بسبب كل هذه الزحمة الموجودة.

وبسبب غياب الحاجة إليه بعد أن وقع ما وقع.

وبعد أن أصبح الحزب منهكا.

وبعد أن لم يعد إخوانه يشكلون أي “خطر”.

وقد تظل تلاحقه لعنة بنكيران

و تنمره عليه

وقد تظل الشكوك تحوم حوله. وحول كل خطوة يخطوها.

لأنه لم يدافع يوما عن نفسه.ولم يرد على الأمين العام. ولم يعترض. ولم ينف عنه أي تهمة. ولم يبذل أي مجهود كي يكون بديلا.

كأنه كان يوافق على كل كلمة قالها بنكيران في حقه.

وكأنه كان فعلا في عجلة من أمره. ومتسرعا.
ولا طاقة له أبدا على الانتظار.

وهذا هو ما ستؤكده الأيام القادمة.

وهي التي ستقول لنا من هو عزيز الرباح حقيقة.

وهل ظلمه بنكيران.

وهل دفعه إلى أن يتأخر في اتخاذ قراره.

أم أنه كان يعرف ما لا نعرفه نحن

وكان يدافع فقط عن نفسه. وعن التجربة.

ويصد الهجمات التي كانت تأتيه من كل حدب وصوب.

ومن الأخ. والصديق. والحليف. والخصم. على حد سواء.