الحبس ديال “سات فيلاج” تشد بصفة نهائية ومندوبية السجون وزعات المحابسية اللي كانوا فيه على حبسات أخرى
حميد زيد – كود//
عادي. عادي جدا.
فقد كان مفروضا أن يفتحوا الطريق كي تعبر بنت الكوميسير.
ثم إنهم يعرفون الوالد. وهذا وحده يكفي.
وليس من الزمالة في شيء أن توقف ابنة شخص تعرفه.
وليس من المروءة في شيء أن تغرمها.
وقد تخبر والدها بذلك.
وقد يغضب.
وقد تتوتر العلاقة بين السلط.
ولو لم يكونوا يعرفونه. ويعرفون أنه يسكن بالجوار.
لكان عليها أن تدفع.
أما وأنهم على سابق معرفة به.
ويعرفون اسمه.
فلا حرج وبإمكانها أن تمر.
ومادامت ابنته فلا حاجة لها بشهادة التنقل الليلي.
ناهيك عن أنها بنوة خاصة.
وربما هناك مهن لا يحتاج أبناء ممارسيها لشهادة التنقل.
للدور المهم الذي يقوم به الأبناء وهم يتجولون.
ومن غير المقبول أن تقف أمام الباشا. وتطلب منه رخصة التنقل.
هذا لا يجوز.
ولا أعرف ما المثير في الأمر.
ولا أعرف لم كل هذا الضجيج.
ولم كل هذا التشهير ببنت الكوميسير. وبمن سمح لها بالعبور.
فكل شيء عادي. عادي. عادي. عادي جدا.
أين المشكل.
كاين شي مشكل.
عادي. عادي. عادي. جدا.
ثم إنها ليست ابنة مهندس. وليست ابنة طبيب. وليست ابنة سفناج. وليست ابنة بناء. وليست ابنة بقال. وليست ابنة بائع خضروات. وليست ابنة أستاذ. وليست ابنة عاطل. وليست ابنة لا أحد. وليست لقيطة.
كي لا يسمح لها بالعبور.
فهناك قانون في هذا البلد. وعلى الجميع احترامه.
مع وجود استثناءات.
وهناك من جهة أخرى مهن ممنوع على أصحابها وعلى أبنائهم الخروج بعد الثامنة.
لأنها مهن خطيرة.
وخروج الأبناء في الليل قد ينشر العدوى.
إذ لا يوجد سبب مقنع يجعل ابنة الجباس تخرق حظر التجوال.
فالجباس يبقى جباسا.
وابنته ليست ديالنا في كل الحالات.
ومغامرة غير محمودة العواقب أن تخرج بنت الرصاص.
والرصّاص نفسه ليس من مصلحته أن يفعل ذلك.
لأنه سيؤدي الثمن غاليا.
ولا يلوم الخباز. والنجار. والعطار. والصيدلي. والميكانيكي. إلا أنفسهم.
ومن مصلحتهم أن يحترموا القانون.
وألا يخرقوا الحظر.
و ألا يدعوا بناتهم يخرجن بعد الثامنة.
حيث كل شيء مغلق.
وحيث الظلمة. والليل. والأشباح. والمخاطر.
وحيث لا وجود إلا لرجال السلطة.
أما بنت الكوميسير فلها مبرراتها.
لأنها ابنته.
ولأنه ديالنا.
عادي. عادي جدا. كاين شي مشكل.
ولو كان الجزارون هم المكلفون بهذه الحواجز الأمنية.
ثم مرت ابنة جزار. وأخبرتهم باسم الوالد. وأنه منهم. وجزار مثلهم. لسمحوا لها بالعبور.
ولقالوا لها واش الجزار ديالنا. ومرت.
ولما احتج المواطنون. ولما غضبوا.
بينما هناك حساسية لأنها ابنة كوميسير.
عادي. عادي جدا.
أين المشكل.
لا مشكل في الأصل.
وكما لو أننا تفاجأنا. وكما لو أننا لم نكن نعرف.
أن بعض المهن تمر في الطريق المغربية. بينما مهن أخرى لا تمر.
عادي. عادي جدا.
وليس صعبا أن يكون الواحد ابنة كوميسير.
كلنا يمكننا أن نكونها.
ولا أحد يمنعنا من ذلك.
فقط انطقوا بكلمة السر. وسوف تعبرون.
وسوف تكون الطريق سالكة. وبلا زحمة. وخالية من أبناء المهن الأخرى.
لكن هل جدة الكوميسير يسمح لها بالعبور.
وهل والدته لا تحتاج إلا ورقة التنقل.
وهل أحفاده
وهل قطته. وهل زوجته.
وهل ابنه.
وهل أصدقاء ابنه. وهل الجيران.
أم أن الأمر مقتصر على ابنة الكوميسير.
و هل هناك مقهى في مكان ما
يسمح فيه بالجلوس
وبالتدخين
وبشرب القهوة
لبنات وأبناء الكوميسير.
وهل بإمكان الواحد
إذا كان صديقا فقط لعائلة الكوميسير أن يخرج بعد الثامنة.
ويجلس معهم.
أم أن عليه أن يثبت النسب.
ويحمل معه اختبار الحمض النووي.
وما حكم من كان جده كوميسيرا
ومن مارس أسلافه هذه المهنة
وهل يشفعون له ليخرق الحظر
وهل يعتبر ديالنا هو الآخر.
أم أنه ليس ديالنا.