حميد زيد – كود//
زوجتي وحبيبتي.
لقد التهموها. التهموا علبة الشوكولاتة الفاخرة. تلك التي تحبينها. أكلوها بالكامل.
وبمجرد أن فتحت الباب هجموا علي. وانتزعوها مني.
ربما لا تصدقينني. لكن ها هي العلبة فارغة. وعليها تلك العلامة البلجيكية.
وها هو دليلي.
نعم اشتريتها لك. لك وحدك. ودفعت فيها الثمن الخيالي.
لكنك أغلى من الشوكولاته. وألذ منها. وليس مجاملة. ودون مناسبة أصرح لك أنك أحلى.
أما حين نتشاجر. وهذا طبيعي. فشجارنا مر. بطعم مرارة الشوكالاتة السوداء التي تعشقينها.
مر ومحبوب وله طعم خاص.
وهل أقسم لك. وهل أذهب وأشتري علبة أخرى. وألفها بشريط.
ولك أن تختاري أي لون.
نعم. التهموها بالكامل. وفتشوني وأنا أفتح الباب. وقد أخبرتهم أنها لماما. وأنه عيد الحب. وأنه يومنا. ونحن أيضا لنا حق في هذا البيت.
ولنا الحق في أن نحتفل. وأن نختلي بأنفسنا. وأن نتبادل الهدايا. وأن نحب بعضنا البعض.
نحن أيضا لنا الحق في الحياة.
وبنية مبيتة تقاسموها بينهم. ثم خربوها. ومعسوها. ولطخوا بها الأرض.
وهاهي العلامة في الحائط.
وها هي اللطخة.
وها هو التدنيس.
وحتى الطلاء الجديد الذي اخترته بذوقك الرائع أفسدوه.
إنهم أطفالنا. لا أنفي ذلك. لكن هذا كثير. وليس لأننا أنجبناهم. ومنحناهم حظ الخروج إلى العالم. والتمتع به. فإنه مسموح لهم أن ينغصوا علينا عيشتنا.
ويحولوا بيني وبينك. ويفسدوا الحب الذي بيننا. ويوتروا العلاقة. ويستولوا على كل الوقت.
ولذلك غضبت منهم أشد الغضب. وقلت لهم لستم فلذات كبدي. أنتم لا شيء.
أنتم خصومي. وخصوم زوجتي وحبيبتي.
أنتم خطأ. والمشكلة أنكم ثمرة للحب.
هذا الحب الجميل. ملح الحياة. وسرها. وسبب وجودها. والمحفز الوحيد على الاستمرار في الوجود. تخرجون منه. وتتكاثرون. وتتوحدون في ما بينكم.
وعندي الآن ثلاثة منكم في هذه الشقة. وكل واحد منكم له أسلحته. وله أساليبه في تنغيص حياتي أنا وزوجتي.
لقد كنت فرحا بها. وكنت حذرا وأنا أحمل تلك العلبة. وكنت سأهديها لك في الوقت المناسب.
وكنت ستبتسمين. وكنت سأقبلك.
لكنهم أشرار. وعدوانيون.
لكنهم فاشيست صغار يعيشون بين ظهرناينا. ويبتزوننا. وننفق عليهم. كي ينتقموا منا.
ثلاثة يا حبيبة قلبي. ثلاثة أعداء يحتلون هذه الشقة. ويعيثون في حبنا فسادا.
وينرفزوننا. ويبكون. وينتزعون منا التلفزيون. وغرفة نومنا. ويهجمون على الثلاجة. ويفرغون الدولاب. وينشرون الفوضى.
ويصرخون. يصرخون. يصرخون. يصرخون. كأني أنا وأنت نشكل لهم تهديدا.
وكلما تملكتني الرغبة في أن أحبك أكثر. يتحالفون. ويقفون عائقا بيني وبينك.
هذا دليلي. وهذه هي العلبة. لكنها الآن فارغة وممزقة. وخالية من الشوكولاتة.
ولا أخفيك أن الحب بالنسبة إلينا صار معركة.
والعدو معروف. وقوي. ويعلن عن نفسه ويتحدانا.
ورغم أنه صغير. فإنه فتاك. وأنا وأنت اثنان. وهم ثلاثة. والحمية تغلب السبع. وتغلب الحب. يا حبيبتي. ويا زوجتي.
هذه حياتنا الخاصة. بينما أنا مغلوب. ومقهور. ومحتل. وقررت أن أفضح نفسي. وأن أخوض الحرب. ومعي أنت.
حليفتي وزوجتي ورفيقة عمري.
وأقترح عليك أن نحاصرهم في المطبخ. وأن نفرض عليهم الصمت مقابل الغذاء.
وأن نشن عليهم غارة مضادة. وكلما عادوا عدنا.
بينما أنت طيبة. ومسالمة. وتدعين إلى هدنة. وإلى وقف إطلاق نار.
لكني أريد فرصة كي أحبك.
فيأتي ولدك. الذي تدافعين عنه دائما. فيتشعبط في. ويصعد إلى ظهري. ويقف حاجزا بيني وبينك،
وكي يغيظني. يقبض علي من أذني. ويقرصني.
فأنهره. ولا يستسلم. ويريد أذني ليلعب بها.
مع أني لست لعبة.
أنا صحفي مرموق. وعندي بطاقة تثبت ذلك. وعندي رقم.
وهو من حرضهما على فتح العلبة.
وهم من يقف حاجزا بيني وبينك. وهو الذي يبكي أكثر. وهو المتطلب. وهو الذي فرض علينا أن نقتسم معه سريرنا.
وهو الذي تبول علي.
وحتى وهو نائم ينتقم مني. ويناور. ويحاربنا.
وإما نحن أو هم.
وعلينا أن نختار.
تخيلي أنهم انتزعوا مني العلبة. وعاثوا فيها فسادا. ولإغاظتي اقترح الذي تدافعين عنه دائما. وتجدين له الأعذار. أن يصنعوا من الشوكولاتة حساء. وأن يذوبوها في الميكرو أوند. وبعد أن تصبح حساء. قال لهم هيا نصنع منها مثلجات.
ولا أحد بمقدوره أن يوقفهم عند حدهم.
وأحب أن أقول لك كلاما رقيقا.
لكن زعيقهم يملأ قلبي
ويتلف كل مشاعري
لكنهم سيكبرون. يوما ما سيكبرون.
وسينتصر الحب. هكذا تقولين.
حب إيه يا حبيبتي
وقد التهموها بالكامل. ولعبوا بها. ولعبوا بحبنا. وأكلوها. والتهمونا. وهم الآن يبكون. ويصرخون.
كأي أطفال أبرياء.
وما يحزنني أنك تقفين دائما في صفهم
ولا ترين أن الحرب صارت ضرورية
وتبحثين عن حل
وعن سلام لا يأتي
وحين أخبرك أنهم التهموها بالكامل. تنظرين إلي بعين الريبة. وتحملينني كل المسؤولية.
