حميد زيد – كود//
بينما نحن في غفلة من أمرنا.
ولا دولة تدعمنا. ولا جهة تمول أفكارنا. ولا مراكز بحث لنا. ولا إعلام. ولا من يطبع كتبنا. ولا من يسهر على راحتنا. ولا من يهتم بنا.
فإنه يعيش بين ظهرانينا مغاربة في صف الإمارات.
وخصوم لهم تابعون لقطر.
وكل معسكر له جنوده. وصحفيوه. وكتابه. ورياضيوه. وفنانوه. وفقهاؤه. وجرائده.
وفي كل يوم تقع مناوشات بين الطرفين في المغرب.
ويقع تبادل للقصف.
بينما نحن لا نعلم شيئا.
ويتحاربون في ما بينهم. ولا يخبروننا.
ولا يوجهون إلينا دعوة للمشاركة. ولا يقتسمون معنا ما يحصلون عليه.
وينشرون الأفكار.
ويكتبون الآراء. ويسافرون. وينظمون الندوات والمؤتمرات والمحاضرات. ولا يعيروننا أدنى اهتمام.
ولهم مجلات.
ولهم مواقع إلكترونية.
ولهم قنوات.
ولهم أوراق صقيلة. لكنهم يبخلون علينا. ويتسترون على حربهم القائمة. ولا يخبروننا بها.
فتمر القذائف فوق رؤوسنا. وتنطلق صواريخ الكلام. وتطبع الكتب. وترمي الطائرات والفضائيات المناشير. ويتعارك المغاربة المصطفون في ما بينهم. ويتحاربون في أرضنا.
بينما لا يقدمون لنا مقابلا.
ولا ثمن كراء. ولا تعويضا.
ولأننا يتامى. ولأن لا أحد يدعمنا. ولأن أفكارنا ماتت. ولم يعد لنا شرق ولا غرب.
ولم يعد لنا بعث صدام. ولا بعث سوريا. ولا قومية. أما القذافي فقد قتلوه غيلة. ولا موسكو لنا. ولا فنزويلا. ولا تشافيز. والغرب تخلى عنا. وفرنسا جل ما تقوم به هو صبيحة أطفال في مركزها الثقافي. أو عرض مسرحية. وحتى سهرة النبيذ ألغوها.
فإننا نشعر بالإقصاء.
ونلوم مغاربة الإمارات. ومغاربة قطر. ونطلب منهم أن يضمونا إليهم. وأن يخرجونا من عطالتنا الفكرية.
لكن يبدو أن الإسلاميين المغاربة بخلاء. ولا يرغبون في اقتسام الكعكة.
ويتشجارون في صمت. وحسي مسي.
ومن سذاجتي. فإني لم أنتبه للأمر. ولهذه الحرب الدائرة. إلا بعد أن تفجرت قضية الأمين العام لمؤسسة”مؤمنون بلا حدود”.
وبعد أن خرجت رواية الأمن الأردني. مكذبة تعرضه للتعذيب. وللاختطاف. ومؤكده اختلاقه للقصة من بدايتها إلى نهايتها.
وما نبهني.
وما جعل لعابي يسيل.
هو الفرحة والسعادة التي غمرت قطريي المغرب. وإيمانهم العميق. برواية الأمن الأردني. وهم الذين يشكون عادة في كل شيء. ويرون المؤامرات في كل ما يتحرك.
ولا يصدقون رواية رسمية إلا الرواية التركية.
ولا يصدقون دولة عربية إلا دولة قطر.
وبعد أن صمتوا لمدة. وبعد أن تقوقعوا. خرجوا دفعة واحدة من خنادقهم. ليهاجموا جيش الإمارات.
ولينتقموا من مؤسسة مؤمنين بلا حدود. وليسخروا منها.
لكننا لن نصمت.
وإما أن تضعونا في الصورة. وتقتسموا معنا الغنائم. وتجندونا معكم. وإما سنشكوكم للسلطات.
وسنخبر الدولة بهذه الحرب بين القبائل الخليجية التي تقع في أرضنا.
بينما لا دخل لنا فيها.
وما يزعج أكثر هو التمييز الذي يفرضه الإماراتيون بلا حدود والقطريون بلاحدود.
حيث لا يقبلون إلا الإسلاميين بين صفوفهم.
ولا يسلحون إلا تيارا فكريا واحدا منقسما على نفسه.
ومنهم إخوان. وسلفيون. ويساريون تائبون. وصوفية. ويسار إسلامي على الطريقة الحسنية الحنفية. وليبراليون على طريقة المخزن.
بينما السؤال الذي يطرح نفسه بشدة:
ما هو نصيبنا نحن.
ما هو نصيب من لم تعد لهم أفكار. ومن يعانون من الدوخة. ومن لم تعد لهم أوهام. ولا مجلات. ولا جرائد.
ثم ألا نستحق منكم التفاتة. مجرد إخبار.
وألا نستحق بدورنا خوض هذه الحرب. والاستفادة منها. علما أنها تجري في ساحتنا.
وتخوضها دول أجنبية في أرضنا. دون أن نستفيد منها في أي شيء.
وما يؤسف.
أنكم التحقتم بالجبهة دون أن تستشيروا معنا.
ودون أن تأخذوا رأينا.
ودون أن تعوضونا.
قبل أن نكتشف ما تقومون به. وقبل أن تصيبنا الشظايا.
ونفكر أن نخبر المخزن لكنه بخيل.
ونريد أن نخبر أمريكا. أو فرنسا. أو روسيا. أو الصين. لكنهم هم أيضا مصطفون.
ويستفيدون من هذه الحرب.
والكل يشارك فيها.
إلا نحن.
ليس لنا أحد في هذا العالم.
نحن اليتامى
الذين لفظهم التاريخ
بلا أفكار
وبلا مظلات
وتركهم يتفرجون في هذه الحروب الجديدة
عزلا
ولا من يدعهمم.
ولا من يجندهم.
