ممثل تركي مشهور شرا مدرسة وريبها.. نتاقم من المعلمين لي كانو كيضربوه ملي كان صغير
حميد زيد كود /////
أتخيله يهرش جلده.
أتخيل الحرية تهرشه ولا يستطيع مقاومتها.
مثل حشرة تلسعه الحرية ولا يقدر أن يكف عن الرسم، فيحك ويحك، ويرتكب ما يرتكبه.
لا يملك طاقة على الصبر، ولا يحتمل نفسه والرقابة التي يفرضها عليها، فيفعل فعلته، وهو يضحك.
خالد كدار مريض بالحرية، وما يفاقم من وضعه أنه موهوب.
وعندما تلتقي الحرية مع الموهبة فتوقع كل شيء.
كل ما يحدث بسبب هذا التلاقي يكون جميلا وفضيحة وصادما ومرفوضا، ولا يدري بما اقترفه إلا بعد أن يكف عن الهرش، ويجد خبر الجريمة قد انتشر في كل مكان.
وأتخيله يتوب، وينتقل من منبر إلى آخر، ومن موقع إلى آخر، ويحاول أن يهدىء من روعه، لكنها تغلبه دائما، ودائما تقضي عليه الحرية، ويجد نفسه مفصولا، ومغادرا، ومتسكعا، وساخرا.
كثيرون مناضلون ويرفضون ويرفعون الشعار لكن تنقصهم موهبة خالد كدار، وهذا سره.
يبدون بلا طعم ومهما زايدوا ومهما عارضوا لا تأثير لهم، ولا يسعفهم الموقف في أن يكونوا صحفيين أو كتابا أو مبدعين.
ومهما حاولوا يفشلون.
أما خالد كدار فلم يرفع شعارا يوما، وشعاره الوحيد أن الكاريكاتير بلا حرية لا حياة ولا معنى له، وصاحبه يتحول إلى رسام بورتريهات.
وعبثا تحاول أن تقلل من أعماله، وعبثا ترفض ما يقوم به، لأن مهنته وفنه، لا يخضعان للصحيح والخطأ، وللصائب وغير الصائب، وللموقف السليم وغير السليم، وللانتماء السياسي لهذه الجهة أو تلك، بل للحرية ومنسوب الإبداع في ما يرسمه، ومستوى الذكاء والتميز، وإذا كنت مع الحرية، ومع الفن، فلا يمكن إلا أن ترفع لخالد كدار القبعة.
الحرية أجمل من اليمين واليسار، وأجمل من الموقف ومن الاصطفاف، وهي خارج كل المؤسسات، ولأنه موهوب، فقد نجا من أفكار شلته ومن نظرتهم الضيقة ومن حساباتهم.
أنقذته موهبته منهم، وعندما يجد نفسه مهددا ومتابعا، يتعامل مع وضعه كأنه يرسم الكاريكاتير، ساخرا كما هو، حرا، نزقا، أخرق، مثل أي مبدع، مخلص لفنه، ولا يرى غيره، ولا يفهم إلا في ما يرتكبه من فضائح.
وأحمق من يشغل خالد كدار، ويريده لغرض في نفسه، ويطوقه لكنه يفلت منه، وتهرشه الحرية، فيتجاوز الخطوط، ويخرق الاتفاق.
وكل الذين جربوا أن يفرضوا شروطهم عليه فشلوا.
حتى هو، حتى خالد كدار، فشل مع نفسه، وتراجع، وكف، لكنها تلك اللسعة، وتأتيه من الداخل، ومن روحه، ومن طبعه، الذي يغلبه.
والأدهى أنه مسرف.
مسرف في الحياة. وفي الشرب. وفي الليل. وفي الضحك. وفي المقالب. وفي الحرية أكثر.
وأتخيل الذين لا يتحملون فنه لابد أنه يوما ما انتزع منهم ضحكة، ومهما اختلفت معه، لابد أن تعترف أنه موهوب، فما بالك والموهبة مدعمة بحبه للحرية.
وقرأت أنهم حكموا عليه.
وقرأت أنه سيحبس لثلاثة أشهر
فيا لسوء حظ هذه الزنزانة، يا لحظ الزنزانة العاثر، بعد أن تهرشه الحرية، وقد يحول سجنه إلى ملهى، وقد يجعل منه قصرا، أو شارعا، أو حديقة، أو مطعما، وقد يفضحه، ويعريه، وقد يحدث فيه كوة.
مثل ساحر قد يمسخ خالد كدار السجن.
لذلك لا تغامروا هذه المغامرة، لا تجعلوا من السجن فسحة، لا تفرطوا فيه، وأبعدوه من خالد كدار لأنه سيفسده ويجعل أبوابه مفتوحة.
اشتغلت لفترة قصيرة مع خالد كدار، واختلفت معه دون أن أعترف له بذلك، وظننته مصطفا، واعتقدت أنه غارق في حسابات أصدقائه.
وفي تجربة صحفية وسياسية مغربية لم أكن أراها بنفس نظرة من يعتبرونها حرية وصحافة مستقلة.
لكنه، ودونهم جميعا، غلبتني حريته.
وغلبتني موهبته
ودائما يدهشني
حتى وأنا ضده أضحك
حتى وأنا أنتقده أحب ما يقوم به خالد كدار
وأرى أنه حر بالفطرة
حر بطبعه الحاد
ودون إيديولوجيا هو حر
ودون موقف
وما يزيد في فضائحه
أنه موهوب
وأن يسجن بهذه الطريقة
وبعد مضي ثلاث سنوات على قضية تحدث الآلاف منها يوميا دون أن يسجن أصحابها
فكأنكم تسجنوننا جميعا في هذا البلد
كأن كل الصحفيين والمبدعين ورسامي الكاريكاتير هم الآن في السجن
فكيف سنستمر في الكتابة
وفي تصديقها
وتصديق ما ندبجه يوميا
وتصديق لغونا ولغو كلماتنا
وأي معنى لنا
ولمهنتنا
ونحن نرى زميلا لنا في السجن
ونحن نرى الحرية
والموهبة
معتقلة
وأكررها
قلة فقط ممن أختلف معهم ويغلبونني
وخالد أبرزهم
ويغلبني فنه
وتغلبني جرأته
ولا أرى الكاريكاتير إلا بأسلوب خالد كدار
وبهامش أكبر من الحرية
إذا نقص سنتمترا واحدا
لم يبق لهذا الفن أي سبب في الوجود
وسيصبح مثل الخبر
ومثل البورتريه
جافا
ومحايدا
وباردا
بينما خالد كدار تهرش الحرية جلده
و يحكّ
و يحكّ
ولا يصبر
وتحرقه أصابعه
ولا يرتاح له بال
حتى يرتكب ما عودنا دائما على ارتكابه.