27/04/2024 15:40
أجواء مشحونة كتسبق استكمال مؤتمر حزب الاستقلال.. تيار كيقودو قيوح والخطاط طايح بثقلو فاليوم الثاني
حميد زيد – كود//
كي تلعب مع المنتخب الفرنسي.
و كي توجه إليك الدعوة. وكي يتم اختيارك مع الديكة. فإن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم. يشترط عليك أن تلتزم بأوقات الوجبات.
ويفرض عليك أن تفطر في الصباح.
وأن تتغدى حين تقدم وجبة الغداء.
وأن تشرب. وأن لا تجوع. وأن تشحط رمضان. وأن لا تصوم. وأن تفعل كل ما يفعله اللاعب غير المسلم.
وأن تخضع للإطار العام المرسوم.
وإلا فلا مكان لك في القائمة.
كما أن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يرفض رفضا مطلقا. أن تتوقف أي مباراة في البطولة الفرنسية. لثوان. أو لدقيقة. كي يشرب الصائم. ماء. أو عصيرا. أو يأكل تمرة. أو إصبع موز.
كما يحدث في البطولة الإنجليزية التي هي الأقوى في العالم.
بينما هذا غير مسموح به في فرنسا. ويناقض العلمانية الفرنسية. و ضد مبادىء الجمهورية.
وكي تلعب.
وكي يقع عليك الاختيار فعليك أن تترك صيامك في البيت.
عليك أن لا تعلن عنه.
عليك أن تفطر.
فشرب الماء هو رمز ديني حسب هذه العلمانية. مثل العباية. ومثل الحجاب. والبرقع.
وقد يكون إخوانيا.
كما تبين ذلك في حالة كريم بنزيما.
وقد يكون إرهابيا
ولو لبضع ثوان.
و لو ركض اللاعب في اتجاه اللاعبين الاحتياطيين ليمده زميل له بقنينة ماء. دون أن تتوقف المباراة.
فالعلمانية الفرنسية صارمة في هذه النقطة. وتخاف من “الاستبدال الكبير”. في الكرة. وفي الملاعب.
و لا محاولة منها لأن تكون مرنة.
ولا تنازل من طرفها.
وقد شاهدنا لاعبين مسلمين يفطرون في الملعب. في إيطاليا. وفي ألمانيا. وفي هولندا.
وفي إنجلترا بالخصوص.
وقد شاهدنا حكما يوقف المقابلة لدقيقة.
وكم كان ذلك المشهد إنسانيا. وجميلا.
وكم كان معبرا عن التسامح. وعن الاحترام. وعن التقدير. وعن الانفتاح. وعن حب الآخر. المختلف.
وكم كان ذلك المشهد علمانيا.
ومع كل الأديان. وليس ضدها.
ومع الوقت تتحول هذه العلمانية الفرنسية إلى مطية. وإلى حيلة يستعملها اليمين المتطرف.
منحرفة عن فلسفتها. وعن مبادئها.
ومع الوقت تصير هذه العلمانية دينا دنيويا ضد دين محدد.
و تصير خصما.
تصيرا علمانية تحاذي العنصرية.
تصير كما يراها خصومها.
تصير في خدمة إريك زمور. ومارين لوبين. وألان فانكلكروت.
تصير منحازة لهذه الإسلاموفبيا المتفشية.
والتي يخيفها لاعب يشرب الماء.
و يخيفها توقف لدقيقة في المباراة.
علمانية تدفع مسؤولين فرنسيين عن الكرة إلى الحديث في السياسة.
علمانية متهمة. وغير بريئة.
علمانية ضد منتخب فرنسا الفائز بكأس العالم.
وضد تنوع فرنسا.
علمانية ضد العلمانية.
علمانية جون ماري لوبين الذي لم يستوعب في تسعينيات القرن الماضي أن يكون هؤلاء”الأحد عشر لاعبا يمثلون منتخب فرنسا”.
وقد كان هذا التصريح صادما عام 1996.
وقد كان عنصريا.
أما الآن فقد صارت جرعة ماء ممنوعة.
وضد الجمهورية.
وتشكل خطرا على قيمها. وثقافتها. وتاريخها. وهويتها.
ولا أحد يثيره ذلك. ولا أحد يشك في هذه العلمانية الفرنسية.
وهل هي علمانية حقا.
أم إيديولوجية تخدم هذا المد اليميني المتطرف الذي يكتسح فرنسا. وكل العالم.
وتخضع له.
وتقدم له خدمات باسم علمانية مفترى عليها.
و تقصي لاعبا فرنسيا من منتخب بلاده لأنه ملتزم بالصيام.
ولأنه يرفض أن يخضع للإطار العام.
وأن يفطر
و يتناول وجبة الغداء. في الوقت المحدد. لتناولها.
