كـود : ربورطاج من إنجاز عمـر المزيـن//

موجة البرد التي تجتاح مناطق الأطلس، في الأيام الأخيرة، لم تمنع العشرات من الزوار من أصحاب السيارات الفارهة من التوافد على مدينة إيفران، لكن غير بعيد عن وسط المدينة يظهر الوجه الآخر لمنطقة تعاني ساكنتها من الآثار السلبية للعزلة وغياب التجهيزات الأساسية، ما يحول حياتها كل فصل شتاء إلى جحيم. “كود” زارت عددا من هذه المناطق والتقت مع بعض الأسر التي حكت لها عن معاناتها مع غلاء حطب التدفئة، حيث وصل ثمن القنطار الواحد ما بين 1000 و1250 درهم. وتجد أغلب الأسر بآزرو ومنطقة تمحضيت والمناطق المجاورة صعوبات في اقتناء هذه المادة الأساسية، نظرا لظعف القدرة الشرائية.

موارد للعيش:

في غابة آزرو المعروفة بتوافد الزوّار عليها لمشاهدة القردة يقف طفل صغير لا يتجاوز عمره ثماني سنوات مشهرا أكياس صغيرة من “الكاوكاو” في وجه السياح، بأثمنة تتراوح بين 4 و5 دراهم للكيس الواحد. الطفل يقول إنه يتابع دراسته الابتدائية، ويخرج في أيام العطل لكي “يعمل” لمساعدة أسرته. وغير بعيد عنه، والدته تستعين بأواني بسيطة لإعداد “البيصارة” وأكواب شاي للزوار. الأم تشير إلى أن غلاء المعيشة أصبح لا يطاق. وفي منطقة تضعف فيها فرص الشغل، فإن مثل هذه المهن البسيطة تصلح لأن تساعد هذه الأسر في مواجهة الظروف الاجتماعية الصعبة. لكن عددا من الأسر لا تستطيع بعائدات هذه المهن أن تقتني ما يكفي من الحطب للتدفئة.

قردة وخيول لضمان القوت اليومي:

يتجمع الزوار على عشرات القردة التي اعتادت على الخروج من الغابة إلى جنبات الطريق العمومية بحثا عن القوت. وإذا كان خروجها من الغابة يشكل متعة للوافدين، فإنها تشكّل بالنسبة للأسر المعوزة إحدى أهم الموارد الأساسية للعيش. فهناك من تخصّص في بيع “الكاوكاو” والموز والتفاح، وهي مواد إطعام تحظى بإقبال القردة. كما تلجأ بعض الأسر إلى تقديم خدمات أخرى للزوار، ومنها الاستمتاع بركوب الخيل، وسط هذه الغابة الممتدة. ورغم أن المنطقة تتوفر على مؤهلات طبيعية لافتة، إلا أن ضعف استغلالها لتحقيق تنمية محلية ترتكز على السياحة الجبلية، وتمكين الساكنة من فرص شغل مذرة للدخل. ويقترح عدد من المواطنين المحليين تمكينهم من رخص استغلال لفضاءات هذه الغابة التي تعبرها الطريق المتوجهة نحو مناطق الجنوب الشرقي، والتي تستقطب المئات من الزوار يوميا وعلى مدار السنة.

إجراءات استثنائية لمواجهة موجة البرد:

قبل أسابيع، أعلنت عمالة إقليم إيفران عن إحداث لجنة لليقظة والتتبع لمواجهة آثار موجة البرد والثلوج في المنطقة. وقالت إنها “وفرت ترسانة من الآليات اللوجيستيكة والبشرية لمواجهة الظروف الطبيعية الملازمة لفصل الشتاء بالمنطقة”، ومنها 12 آلية لإزاحة الثلوج و5 آليات للتذويب وفرتها المديرية الإقليمية للتجهيز، ورافعة وكاسحتين، فضلا عن طاقم للموارد البشرية، يضم أربعة مهندسين وتسعة تقنيين ونحو 30 عنصرا من السائقين والأعوان، مع إمكانية الاستعانة بالفرق التابعة للمديريات الإقليمية المجاورة. ودعا عامل الإقليم، عبد الحميد المزيد أعضاء اللجنة إلى التحلي باليقظة والتدخل في الوقت المناسب لتفادي كل ما من شأنه المس بسلامة ساكنة المناطق الجبلية والنائية.

الساكنة تتخوف من العزلة وتطالب بدعم حطب التدفئة:

أغلب الأسر التي التقتها “كود” وسألتها عن عمل لجنة اليقظة والتتبع، أكدت بأنها لم تسمع بتدخلاتها بعد، في ظل موجة البرد القارس التي تجتاح المنطقة. وتتخوف الساكنة من أن تجدد تساقطات ثلجية مرتقبة من عزلتها، وهو ما يتضرر منه المرضى والمسنون والأطفال والحوامل، ويؤدي في بعض الأحيان إلى حالات وفيات. وتطالب بالتدخل لدعم حطب التدفئة، في ظل ارتفاع أسعاره، وتحكم بعض أباطرة الغابة في تسويقه. لكن الأهم، بالنسبة لهم، هو تفعيل مقاربة دائمة وناجعة لتجاوز هذه الطوارئ، بإنجاز بنيات تحتية أساسية، وتحسين الأوضاع المعيشية، عبر استغلال مؤهلات المنطقة، وتمكين الساكنة المحلية من الاستفادة مما تقدمه من فرص شغل.

الأرصاد الجوية تحذر عبر “كود”:

من جهتها، أكدت مديرية الأرصاد الجوية لـ”كود” بأنها تتوقع أن يستمر طيلة الأسبوع الجاري، الطقس باردا، خلال الليل والصباح بالمناطق الشمالية لاسيما بالمرتفعات والهضاب العليا. وكشف الحسين بوعابد، رئيس ِ مصلحة التواصل بمديرية الأرصاد الجوية، أن تصل درجة الحرارة خلال الليل بمرتفعات الأطلسي الكبير والمتوسط والهضات العليا الشرقية ما بين ما نقص 6 و0 درجة، وما بين ناقص 0 و4 درجات ليلاً شرق البلاد وهضاب الفوسفاط والمناطق الداخلية وسايس.

ودعا المسؤول عن التواصل في مديرية الأرصاد الجوية، في تصريحات لـ”كود”، ساكنة جبال الأطلس بأخذ الاحتياطات اللاّزمة والضرورية من ناحية السخين، سيما خلال فترات الليل والصباح.