أحمد عصيد /////
لا يتوقف وزراء الحكومة عن إبهارنا، فقد اكتسبوا من فرط الترويض الذي تعرضوا له في مواقعهم قدرة عجيبة على الانسلاخ من ذواتهم، ومن أحزابهم، فيصبح الهمّ الأعظم الذي يشغلهم هو بعث إشارات إلى أعلى بأنهم في الخدمة، وبأنهم مستعدّون لأداء المهام العويصة التي تسند إليهم، وخاصة منها تلك التي تتعلق بالعمل الوسخ.
أصبحنا نرى الوزير الناطق باسم الحكومة الذي لا يتوقف عن الثرثرة بعبارات مثل “ربط المسؤولية بالمحاسبة” و”محاربة الفساد” يتصدر من تلقاء نفسه وعن طواعية لكي يبرر تنصل السلطات من مسؤولياتها في الخروقات الكبيرة التي تمس أبسط الحقوق المتعارف عليها: الحق في التنظيم والتعبير والسفر والتنقل، إنه يريد محاربة الفساد لكنه ليس أبدا ضد الاستبداد، وكأنه لا يعلم أنهما توأمان لا ينفصلان، فحتى لو استطاع حزب الوزير أن يستولي على السلطة بكاملها في يوم ما، فلا شك أنه سيفرخ في وقت قصير مافياته ولوبياته الفاسدة، لأنه لن يخرج عن دائرة التسلط المولد للفساد.
لم نبتلع بعد غصّة وزير الاتصال حتى انبرى وزير التشغيل الذي ترأس وفد الحكومة إلى “جنيف”، ليعلنها مدوّية من عاصمة حقوق الإنسان، وكأنه داخل في تنافس مع وزير الاتصال وباقي وزراء السخرة ، فالبلد بخير والجمعيات الأمازيغية التي تقدمت بتقارير مضادة وعبرت عن مواقف نقدية تجاه الحكومة إنما تستهدف وحدة المغرب واستقراره، أما حقوق النساء فلا محل لها من الإعراب في المغرب لأن للبلد خصوصيته الدينية التي تجعله في حلّ من حقوق الإنسان، فالإسلام يجبّ ما قبله وبعده، ونحن في غنى عما سوى “تقاليدنا العريقة” و”ثوابتنا” مثل “تعدد الزوجات” وغيرها، وليس على النساء إلا دخول بيت الطاعة والاستكانة إلى أريحية الرجال وكرمهم.