كود : يونس أفطيط//

إعذروني وإسمحوا لي، لست أنسى أن عبد الرحمان الشاب اليافع الذي يبلغ من العمر 23 سنة قد كشف لنا عن واقع مزري نعيشه، هو بطل الآن في نظري، ولعل دخوله السجن فيه من الايجابيات أكثر مما هو سلبي، إنه يوضح لنا بالملموس وبدون تجميل للواقع، أننا جميعا في سراح مؤقت، إلا أولئك الذين يستطيعون أن يمارسوا الغش والسرقة والتلاعب في المال العام.

إعذروني يا سادة، فلست هنا للحديث فقط عن عبد الرحمان، لأن لعبد الرحمان شعب كامل يتحدث عنه، وقد أصبح الآن قضية رأي عام، ولكن هذا أمر لا يجب أن ينسينا لماذا دخل عبد الرحمان السجن، وقبل أن يخرج منه عبد الرحمان يتوجب إكراما له أن يلتقي في بوابة السجن بالغشاش، وأظن هذا أفضل تكريم قد يناله.

إسمحوا لي تطاولي، لكني أرانا قد قفزنا من الهدف الاسمى وهو فضح الغشاشين ومحاسبتهم وليس المطالبة فقط بمحاسبتهم، إلى أمر آخر وهو النضال بشكل مستميت من أجل إطلاق سراح عبد الرحمان.

في دولتنا توجد مئات الالاف من القضايا المعروضة على القضاء بتهمة السب والقذف، مئات الالاف مركونة في الارشيف وهناك مئات الالاف أيضا حكمت دون إعتقال أحد، فلماذا إعتقل عبد الرحمان دون غيره ممن يتهمون بالسب والقذف رغم أني لم أرى سبا أو قذفا، ولو كان كلمة قواد أو مسخوط الوالدين تستحق بقائلها الزج به في غياهب السجون لكان كل المغاربة في السجون الآن، فهذه ثقافتنا وهكذا نعيش في الشوارع وعلى مرأى الأمن وحتى القاضي ووكيل الملك يسمعون هذا الكلام في الشارع دون أن يحركوا ساكنا، فإعذروني إن قلت أن قضية عبد الرحمان وإعتقاله أمر لا يجب أن نناقشه ولا يجب أن نطالب بإطلاق سراحه، بل يجب إطلاق سراحه بالفعل ليس لأنه بطل فضح الغش، بل بمبدأ المعاملة بالمثل، وكما يتم التعامل مع مئات الالاف من قضايا السب والقذف يتوجب التعامل مع قضية عبد الرحمان إن كنا نؤمن بالعدل.

إعذروني لأني لست أطالب هنا، لست أستجدي أحدا ليعطينا حقا، بل إني أنتظر أن يتحرك المسؤول ويأمر بإعتقال الغشاش سواء كانت الشركة التي أنجزت المشروع وارادت التلاعب بالمال العام، أو الموظفين ورئيس البلدية إن كانوا قد تسلموا المشروع فعلا من الشركة ووافقوا عليه بحالته هذه، فهذا مال عام، أموالنا جميعا، لذلك نحن لا نطلب من أحدا كان قاضيا أو وكيلا للملك أو حتى رئيسا للحكومة، نحن هنا نأمر، وعليهم التنفيذ طبقا للقانون.

يا سادة إن هذه أموالنا وأموال عبد الرحمان وكل المغاربة، فلماذا نطالب؟، أليس هذا ما جعلنا دائما نفرح ونهلل حين يستجاب لطلبنا؟ لقد جعلونا أضحوكة أمام أنفسنا، هذه امور لا يجب أن نطالب فيها، إنها أمور بديهية، ورغم كل هذا فالغشاش لا يزال حرا طليقا، وقد كشفت القضية عن الكثير من الطرق المغشوشة، فإعتقلوا المغاربة أجمعين لترتاحوا من فاضحيكم، وإتركوا الغشاشين أحرارا، إتركوهم يتقاسمون أموال الشعب ويتلاعبون بمصيرنا.

إنتبهوا يا مغاربة، أنتم منذ اليوم في سراح مؤقت، قد يتم إستدعاؤكم غدا وإعتقالكم ولا تنتظروا أن يحاسب الغشاش، لا تنتظروا هذا فقد مرت فضائح كثيرة ودائما يكون الضحية هو المواطن.