حميد زيد كود-

أبحث عن شوفيني واحد في المغرب ولا أجده.

أبحث عن يميني متطرف مغربي، وعبثا، لا أعثر عليه.

أبحث دون جدوى عن مغربي يعاني من خوف مرضي من أن تدخل إلى هويته أعراق وثقافات أخرى، ويخشى على نقائه وعلى دمه وعلى عاداته، لكنه غير موجود.
أبحث عن هذا في الخطاب السياسي وفي الإيديولوجيات، لكن لا شيء.

أبحث في الأحزاب، وماكان قليلا في حزب الاستقلال اختفى، أصبح مثله مثل باقي الأحزاب، وتخلى عن أهم ما كان يميزه: شوفينيته ونزعته المغربية المفرطة، والموغلة في اليمين والمحافظة المغربية.

الشوفينية مرض، هذا لا شك فيك، لكن غيابها، أخطر من المرض.

كل المجتمعات تفرز نزعة وطنية متطرفة، تتضخم وتضعف حسب الفترات وحسب الأزمات، وإذا لم توجد، فهناك خلل في هذه المجتمعات.

ولا حزب سياسي، لا حركة غير معترف بها، لا تنظيم يضيق الهوية ويرفض الدخلاء.

في اليابان توجد هذه النزعة
في فرنسا وفي مصر ولبنان والخليج، وفي فلسطين وإسرائيل، في كل مكان، إلا نحن.

كل شيء عندنا دخيل ومستورد
اليمين المتطرف دخل إلى المغرب على شكل إسلام سياسي، جاء من الخليج والمشرق
اليسار جاء ممزوجا بالقومية العربية في خلطة غريبة جمعت بين أقصى اليمين العروبي والاشتراكية.

وجل ما يقع هو تكييف المستورد مع الخصوصية، إلى أن يصبح مغربيا رغما عنه.

المغربي يتحول بسرعة إلى خليجي ومصري في الغناء وفي الأدب، وبشكل مدهش يتقمص دوره الجديد، وينال الإعجاب من قدرته الخارقة على لعب اللعبة بإتقان ينال التصفيق.

عندنا فائض في النزعة الإنسانية، وفي قبولنا لـ”الغريب” واحتضانه، والذهاب إليه دون أن نبرح مكاننا، كأن هذه هي شخصيتنا وهويتنا، وكأن لا شيء يقنعنا فينا.

والغريب أننا نتبجح بالتاريخ وبالخصوصية، ونستهلك هذا الخطاب، دون أن يكون له من يمثله في الشارع والأحزاب والدولة.

نخاف من لغتنا
ونخاف من الأمازيغية
ومن غنائنا غير المفهوم للمشارقة، فنعربه حتى يصير ممجوجا ومثيرا للضحك
ولا يوجد شعب في الدنيا يخاف من لغته ويحتقرها مثلنا نحن، لغة مبتذلة، هكذا نقول، ونطردها، ونفضل أن نتلعثم ونرطن، على أن ننظر إلى وجوهنا في المرآة.

معجزة ناس الغيوان قتلناها ولم نستثمر فيها، لنخترع مسخا اسمه الأغنية المغربية العصرية، وكل هذا كي لا نكون مغاربة.

نعم الشوفينية مرض وتطرف، لكن بتلطيفها ومواجهتها تكون الهوية، ويكون للمغربي معنى.

لقد سرق القوميون الشوفينية المغربية
وسرقها الإسلاميون منا
وسرقها أولئك الذين يختزلون الهوية المغربية في قرد وأفعى في جامع الفنا وفي الفولكلور وفي رجال بلا أسنان يرقصون في افتتاح كأس العالم للأندية.
لقد سرقوا اليميني المتطرف المغربي
سرقوا منا الشوفيني فينا
سرقوا نزعتنا القومية
سرقوا مرض الهوية الضيقة
وما نظنه يمينا متطرفا مغربيا، ليس في الحقيقة مغربيا
ومن هو مريض بالهوية بيننا لا يدافع في الحقيقة إلا على قطر والسعودية والإسلام الوهابي
ومن يصدعنا بالقيم مستلب ويظن قيم الآخرين قيمه
ولا يمكن أن يكون المغربي مغربيا إلا باسترجاع نزعته اليمينية المتطرفة، إلا بالتخلص من الاستلاب الهوياتي، وعودة الشوفيني المغربي ليأخذ مكانه الطبيعي، ويعبر عن رأيه، ويشكل توجها سياسيا وثقافيا يدافع عنه.
إننا في أمس الحاجة إليك أيها الشوفيني
اظهر
كن شجاعا
ودافع عن هويتك
وطوقها
واحمها
كي نواجهك وننتقد ضيقك ونزعتك المغربية المتطرفة
اظهر أيها المغربي
كي نعرف معنى أن تكون مغربيا
اظهر
نحن نحتاج إليك
كي نعرف من نحن
اظهر فالمغربي صار غامضا
ومن طرح السؤال كان على حق
فلا أحد فينا يملك جوابا
لا أحد
كلنا دائخون
لغياب الشوفيني
ولغياب الحب المفرط للذات.