الرئيسية > آراء > في الصويرة المغربية
27/11/2015 23:00 آراء

في الصويرة المغربية

في الصويرة المغربية

عادل الزبيري//

لم تهب الرياح في مدينة الرياح بقوة، هذا الأسبوع، فتمكنت الكاميرا من التجوال لتوثيق جوانب معيشية يومية، وسياحية للأجانب من العالم، وعلامات عمرانية من أسوار عملاقة وصقالات تواجه الرياح؛ في مدينة الصويرة المغربية، على المحيط الأطلسي.
فعلى الشاطىء، تفرق شباب من مدينة الصويرة في الذكرى الـ 60 لعيد الاستقلال المغربي، يرسمون ملاعب ضخمة الحجم على الرمال، فنشبت بسرعة مواجهات رياضية، وتقاذف اللاعبون الكرة بين كر وفر، بين شبكتين صغيرتين، والشمس ترتفع إلى كبد السماء، في ساعات الصباح الأولى، في يوم خريفي من شهر نوفمبر، بينما السياح يراقبون من المقهى على الكورنيش المشهد، ويحتسون ساخن وبارد المشروبات.

خفقات قلب صويرية

بكل صراحة، مثير جدا بالنسبة لي كزائر عابر، يحمل في قلبه عشقا للتاريخ وللوطن المغرب، لون وردي في باب السبع – الأسد – في مدينة الصويرة، أظنه غريبا ولا يمت لتاريخ مدينة بناها السلطان العلوي المغربي محمد بن عبد الله، لتكون حاضرة لملكه، في مرحلة الاستكشافات الجغرافية الكبرى، والأطماع الاستعمارية البرتغالية، حيال الثغور المغربية على المحيط الأطلسي.
قرب صقالة ميناء مدينة الصويرة، لا يزال باعة السمك من المغاربة للأسف الشديد، يمارسون خارج القانون والرقابة، تصيدا شبيها بسلوكيات القراصنة، زبناءهم من العابرين من المغاربة ومن الأجانب، يمارسون وساطة غير عادلة، يشترون سمكا من صيادين تعبوا وسط المحيط في صيده، ليبيعوه في بعض الأحيان بأثمنة خيالية لسياح أتوا الصويرة، باحثين عن باروك من الزيارة، وليس السقوط في شراك نصابة باسم السمك.
وعادت المكانة – الساعة – إلى الاشتغال من جديد، بعد أن خضعت للترميم، وتعود لها الحياة في قمة برج يراه العابر، ولو من بعيد، فالصويرة تشرأب بعنقها أمام الجميلات من مدن، عبر العالم، كوجهة سياحية عالمية، تغتسل كل صباح ومساء بمد من مياه مالحة من المحيط الأطلسي، وتترك بكل روح رياضية، النوارس تحلق على علو منخفض، في مشهد لا يتكرر في جماله مغربيا، إلا في الصويرة.
والمثير في فتنة جمال الصويرة، تصميمها على شكل مستطيلات نائمة ومتراصة، في شبه جزيرة مستلقية في المحيط الأطلسي، ويقول المؤرخون إنها أول مدينة بنيت بطريقة الهندسة العصرية، على يد فرنسي كان سجينا عند السلطان محمد بن عبد الله، صاحب سياسة الباب المفتوح، في التاريخ السياسي المغربي.
وتحافظ الصويرة على أبوابها، وعلى أسوارها، وعلى قديم جدران أكلها حث الرطوبة القاسية في المدينة، خلال قرون طويلة، بينما عاد الشباب من جديد لبيوت تأنقت بعد ترميم، أزال عنها الصناع التجاعيد، وشدب من أسوارها، وأعطاها عمرا جديدا لتواصل السباحة في الحياة، بدون ملل.

الصويرة: ممشى في التاريخ

ففي الليل كما في النهار، لا يتوقف المارون من السياح في التمشي، يدكون بأقدامهم كل زقاق صغير أو كبير، ويعرجون يمينا ويسارا، وتثير الزائر صفوف من علب من زجاج لشوكولاطة شهيرة، وقمم صغيرة برأس مسنن، من توابل يشد إليها الزائرين باعة الأعشاب، مع مواد التتبيل، وأعشاب معروضة للبيع، تذكر بالصيدليات القديمة المغربية، في درب العطارين الصويري.
وعند آخر جدار سميك وعالي، في داخل قلعة الصويرة، في مواجهة المحيط الأطلسي، يقلب بائع للنحاسيات وللفضيات، ليقدم لزبون تحفا صغيرة من فضة لليهود المغاربة، وأخرى لمسلمين من المغاربة من الأمازيغ، كأثر على تعايش ديني، استمر لقرون خلت، بين ديانات الله السماوية.
ففي أقدم مطعم مغربي صويري، “شاليه الشاطىء”، لا يتوقف صاحبه الأشيب الشعر، والأبيض الشارب على الطريقة الستالينية، عن تفجير القفشات بالعامية المغربية، مازجا هزله بجد الأداء المهني، مديرا فريقه في عملية يومية لتقديم طازج ولذيذ السمك المغربي؛ ويفتخر هذا المطعمي بأن شهيواته أكلها العاهل المغربي محمد السادس، خلال زيارته لمدينة الصويرة.

في الأصل كانت سويرة

وخلال المقام في الصويرة، أو السويرة بحسب الاسم الأصلي، أي المدينة أو القلعة المحاطة بالأسوار، يتحرر السائح من ضغوط الحياة اليومية، ومن البرد القارس أو الحرارة القاسية، ليرتدي في طقس ناعم ولطيف ومشمس باعتدال، خفيف الملابس، وينطلق في جولات يومية.
وتصلح الصويرة في علاج الأمراض العصبية، وتوترات الحياة العصرية، والتسارع المجنون، الذي أوصل الإنسان إليه يومياته، بكامل الإرادة: إنها عيادة متخصصة في العلاج بالمشي وبالشمس وبالهواء العليل المصفى بالغابات المجاورة لساحل المحيط.
وتحتاج الصويرة، في تقديري، إلى ربط جوي بخطوط تصل دول أوروبا الشمالية، ليستفيد من 300 يوم مشمس فيها، من يعاني نقصا في فيتامين دال، ومن يرغب في سياحة علاج ألم المفاصل،وومن يبحث عن حمام شمس أو سباحة، في جو معتدل جدا، في فصل الشتاء عبر العالم.
ولا تتوفر الصويرة في المغرب، على مدينة تشبهها، ففيها تجمع ما تفرق في غيرها؛ الغابة والرمال والكثبان والشمس والرياح والمحيط الأطلسي الصالح للسباحة وللسياحة.
ففي مدينة الصويرة، تغيب كل مساء الشمس، لتشرق من جديد، في اليوم الموالي، أكثر إشراقا ووضوحا.

موضوعات أخرى

06/05/2024 21:00

هاد الزيادة في الصاليرات للموظفين ولي موجهة للطبقة الوسطى باش تقدر تواصل في ظل التضخم والغلاء غادي تمشي كلها لصحاب المدارس الخاصة والمصحات الخاصة وأطباء القطاع الخاص وباقي الخدمات لي من المفروض تكون شبه مجانية ديال الدولة

06/05/2024 20:50

فضيحة هتك عرض تلميذات فمولاي يعقوب.. ها ميفاش حاول مدير الثانوية يدافع على راسو: صرّح للجدارمية أنه ماشي هو اللي بان فالفيديو ولكن عرف أن مسارو المهني تسالا

06/05/2024 20:30

تقرير وزارة الخارجية الأميركية على حرية التعبير والصحافة فالمغرب: كاين قمع ورقابة ومكايناش حرية الصحافة والتعبير اللي كفلهم الدستور

06/05/2024 20:00

تفاصيل صادمة على تعرض التلميذة فاطمة الزهراء لهتك العرض من مدير ثانوية “التقدم” فمولاي يعقوب: سد باب المكتب وشد لي فمناطق حساسة وتلميذات حتى هوما وقع ليهم بحالي وخبرنا أستاذ الفرنسية

06/05/2024 19:32

باستثناء شكايات جمعيات حماة المال العام اللي كيشكو فمصداقيتها.. القيادة الثلاثية للبام حطات شرط صارم لعضوية المكتب السياسي: ممنوع يكون محل متابعة قضائية من طرف مؤسسات الدولة

06/05/2024 19:10

رسميا حماس وفقات على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار وإسرائيل ما قبلاتوش وكتسنا مجلس الحرب يدرسو

06/05/2024 19:00

ماذا تريد مايسة من المغاربة القدامى؟! القديم يحتضر يا مايسة والجديد لم يولد بعد