حميد زيد

كي نلحق بالغرب. ونتطور. ونصبح ديموقراطيين. و نتمتع بالحرية. فلا حل لنا إلا أن نبرد مثلهم.

و نتجمد.

ونتثلج.

ومن هنا جاءت فكرة ملعب الهوكي على الجليد في الرباط.

لأن الحرارة المفرطة. حسب النظرة الخلدونية لا تولد إلا الطيش والحمق. والخفة. وكثرة الطرب و الولع بالرقص.

وهذا هو حالنا منذ قرون.

وقد آن الأوان لنحدث قطيعة مع مناخنا.

فالحر الشديد ليس قدرا. وعلينا أن نتوفر على الإرادة للتغلب عليه.

و لتجاوزه.

ولجعل الجليد يحل محله.

كي تتلطف طباع المغربي. وكي يعتدل مزاجه. وكي يفكر بعقلانية. وكي يصبح غربيا.

لكن مشكلتنا في المغرب أننا لا نقرأ تراثنا. ولا نستفيد منه.

وحين نقرأه ننتصر للحرارة. وننحاز للمسعودي. الذي يعتبر البرودة مسببة لتبلد الفهم.

وهذا خطأ.

وقد تأخرنا كثيرا في اتخاذ قرار الانضمام إلى عالم الثلج والجليد.

وهو عالم متقدم. ومتعقل. وغير مندفع. وناجح. ومتطور. وفيه دولة اجتماعية ناجحة.

وفيه كندا. والبلدان الإسكندنافية. وجبال سويسرا.

ولن تكون ملاعب الهوكي على الجليد سوى خطوة أولى.

في أفق أن نصنع ثلجا في كل مكان. وفي السوبير بسلا. وفي سباتة. وفي حد السوالم…

لكن مشكلتنا في المغرب هي آفة الشعبوية.

وهي هذه الأصوات التي تصرخ رافضة ومحتجة على ملعب الهوكي على الجليد.

بدعوى أن فيه مضيعة للمال العام.

وبدعوى غياب ممارسين لهذه اللعبة في المغرب. وغياب جمهور لها.

وغياب جليد. ومناخ. وبرد.

والحال أن الذي قرر أن يفرض بناء ملعب للهوكي على الجليد. ونجح في ذلك. لهو قادر على خلق لاعبين من الصقيع. وعلى صنع جمهور غفير. وإلتراس. من البرد.

والأكيد أن صاحب الفكرة. والذي فرضها فرضا على مجلس المدينة.

هو شخص له نظرة مستقبلية. واستشرافية.

ولا يقبل أن يظل المغرب حارا وجافا وساخنا ودافئا إلى الأبد.

لأن الدفء يؤدي إلى النوم. ويولد الكسل والخمول. ويؤثر سلبا على الإنتاج.

وكي نخرج من حالة السبات الطويل.

وكي نلحق بالحضارة.

علينا أن نلعب الهوكي على الجليد.

و شيئا فشيئا. وبالتدريج. سيتعود المغرب على البرد. وعلى الجليد.

وستصبح لنا سياحة ثلجية.

وستظهر مناطق في المغرب تعرف ظاهرة الشفق القطبي.

ويحج إليها الزوار من كل العالم.

ولن نلعب الهوكي فقط

بل أيضا رياضة الكرلنغ. التي سيبرع فيها المغاربة دون أدنى شك.

وسنتزحلق كما لم نتزحلق من قبل.

و سيغتني المغرب. وستتعزز طبيعته. بنباتات جديدة. و بدببة قطبية.

و بكلاب تجر زلاقات.

والذي يظن أن قرار بناء ملعب الهوكي مجرد نزوة. وأن لا ضرورة له. وأنه اعتباطي.

فهو واهم.

فكل شيء مخطط له.

وقد سبق ذلك توطين لكلاب الهاسكي في البيئة المغربية. وفي الشوارع. وفي الأحياء الشعبية. وفي الأسواق.

ومنها كلاب الهاسكي الضالة.

ومنها تلك المندمجة مع كلابنا المحلية.

وما ظهور الإنسان المغربي الجليدي الأول

إلا مسألة وقت.

وحين سيظهر

فإنه سيجد البنية التحتية التي تليق به.

وسيجد أماكن الترفيه التي سيحتاجها. وسيجد كلاب الهاسكي. التي سبقته.

وسيجد جليدا في كل مكان.

وسنجد سلطة جديدة. باردة. تلعب معنا.

وتضربنا بكرات الثلج. كلما اشتد بنا الحنين إلى ذلك المغرب الحار والساخن.

وإلى عالم الطيش والحمق. الذي تحدث عنه ابن خلدون.