هناء أبو علي ـ كود//

يحتفي المغاربة، بشكل خاص، بقدوم شهر رمضان، لكن الأكثرية منهم أو على الأقل أغلبهم لا يعرف متى فُرِض الصيام.

ربما يعرف الجميع أن الوحي نزل على النبي محمد وهو في الأربعين من عمره، وجاء في القرآن الكريم إن الوحي نزل في ليلة القدر، وفق ما جاء في سورة “القدر” الكريمة: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)”.

غير أن صيام شهر رمضان، وفق أغلب الروايات، لم يفرض إلا في السنة الثانية للهجرة، وأن النبي محمد صام  تسع رمضانات فقط.

قال الإمام النووي، في كتابه “المجموع”: صام رسول الله رمضان تسع سنين، لأنه فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة، وتوفي النبي في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة”. بمعنى أن النبي صام رمضانه الأول وقد كان يبلغ حوالي 54 عاما.

وقبل ذلك، أي قبل فرض الصيام وجعله ركنا من أركان الإسلام الخمسة، كان النبي يحرص على صوم يوم عاشوراء، الذي يحل في اليوم العاشر من شهر محرم. وقد كان صيام عاشوراء معروفا في الجاهلية  قبل مجيء الإسلام. وجاء في “صحيح الحديث” أن “عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فُرِض رمضان قال: من شاء صامه ومَن شاء تركه‘‘.

وروى البخاري عن ابْن عباس قال: “قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ”.

ومع فرض الصيام في شهر رمضان، خيًّر النبي محمد الناس، حسب ما رووِي عن عائشة، بين صوم يوم عاشوراء، أو تركه.

وقد كان حلول شهر رمضان يتزامن مع فصل الصيف، وفق التقويم العربي الذي لم يكن في الأصل قمريا. وسمي رمضان لأن الأرض ترمض فيه من شدة الحر، “وفي الإسلام اكتسب معنى حرق الذنوب، إذ يصوم المسلم رمضانات كثيرة”، يقول الباحث الفلسطيني فاروق مواسي. هذا ما يفيد أن النبي صام رمضاناته التسعة في أيام الحر الشديد، وذلك ما يفسر ارتباط رمضان بالتحمل، بل سمي بشهر الصبر أيضا.

كما كانت الأسماء العربية للشهور الأخرى موجودة قبل قرنين من مجيء الإسلام، وكانت ترتبط بفصول السنة، أي “بما يوافق المناخ والبيئة في ذلك الزمان، فسموا كل شهر بما ألفوه من معاني ذلك الشهر وحالاته”، وفق مواسي، الذي يشير إلى أن الخليفة عمر بن الخطاب هو أول من اعتمد العمل بالتاريخ الهجري، من خلال احتساب يوم الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، فبدأ بالمحرم لأنه شهر حرام، وبعد انصراف الناس من حجهم.

وهكذا، أصبحت الشهور متحركة في علاقة مع توالي الفصول، وأصبح التقويم الهجري قمريا خالصا. وأصبح رمضان يدور على كل الفصول.