كما تخبر “كود” الرأي العام أن صفة المشتكي، كمدير للكتابة الخاصة، لم يتم الإشارة إليها في المقال موضوع الدعوة (المنشور في “كود”)، ومع ذلك لجأ المشتكي إلى تقديم شكايته بهذه الصفة مع عنوان مكتبه، وفي محاولة للتأثير على القضاء، وذهب إلى القول إن المقال، الذي نشرته كود”، قد يؤثر على ثقة الملك محمد السادس فيه، واعتبر أن هذا الأمر خطير.
إن الحكم، الذي صدر في حق “كود”، يهدف، في العمق، إلى إخراس الصحافة الرقمية بشكل عام، ونعتبره في “كود” قتلا غير رحيم، وليس مجرد رد اعتبار للمشتكي.
لقد كانت “كود” من الأوائل الذين اعتقدوا واهمين أن إصلاح قطاع الصحافة يبدأ بمأسستها غبر تكوين شركة ناشرة. ولقد أطلق مصطفى الخلفي وزير الاتصال الحالي عن حزب “العدالة والتنمية” وعودا، غير أنه لم يحقق أحدا منها منذ تحمله المسؤولية الحكومية، اللهم قضية الاعتراف القانوني.
يمكن القول إن هدف الحكومة المبيت هو إتاحة الفرصة لأمثال الماجيدي للجم الصحف الرقمية، والسماح له بإخراس صوت مزعج، وأصبح أكثر إزعاجا للدولة بعد مسيرات 20 فبراير، وفضيحة “كالفان” مغتصب الأطفال الذي نال عفوا ملكيا، قبل أن يتم التراجع عنه والاعتذار لعائلات الأطفال ضحايا الوحش الاسباني.
سيحسب على الخلفي، للأسف، أن في ولايته نزلت عقوبات كبيرة على صحف رقمية، في المقابل لم تحصل على أي شكل من أشكال الدعم المخصص لنظيراتها الورقية. العقاب كان قبل الدعم.
وإننا، في “كود”، إذ ندعو كافة المعنيين بالديمقراطية والتعددية وحرية التعبير إلى الوقوف ضد هذا الحكم الخطير لأنه يستهدف قتل منبر صحافي، ويهدد التعددية وحرية التعبير المكفولة في الدستور، نحذر من أن هذا الحكم تتويج لإرادة سلطوية هدفها فرض الصوت الوحيد في المجال الإعلامي واستئصال أي صوت مختلف باستغلال مثل هذه الشكايات التي رفعها المشتكي.
لقد ضيع القضاء فرصة جديدة لإظهار استقلاليته. فهذا الحكم خطير وغير مسبوق. فميزانية “كود” الشهرية لا تتجاوز 60 ألف درهما شهريا (قرابة 6 ألاف أورو)، وتضم رواتب الصحافيين والمتعاونين والمكلفين بحماية الجريدة، بينما حكم القاضي للماجيدي بـ500 ألف درهم. هذا يعني توقفها النهائي، بل يعني قتلها بدون رحمة. الجمعية المغربية للصحافة الرقمية قالت في بيانها ان هذا المبلغ كفيل بدفع اية جريدة رقمية الى الافلاس.
سبق أن عانت “كود” من هجوم ما يزال مجهول المصدر بعد قرصنتها، وتسبب الحادث في تكبيد الجريدة، التي عملت بكل ما بوسعها أن تظل مستقلة٬ خسائر أضعفتها وجعلتها تتوقف طيلة شهر أكتوبر من السنة الماضية. ولم تستطع الجريدة معاودة النشر لأنها لم تكن، حينئذ، تتوفر على 100 ألف درهم (قرابة 10 آلاف أورو) لاستئجار “سيرفر” جديد للموقع ونقل أرشيفه وتطوير حمايته، واليوم عليها أن تدفع للماجيدي الملياردير، الذي رفعت شعارات تطالبه بالرحيل خلال احتجاجات 20 فبراير، قبل أن يعود قويا، مسلحا ب “le360.ma”
ويمكن القول إن الحكومة، بحكمها القاسي وغير المنصف ولا العادل، اصطفت إلى جانب تجربة صحافة مثل “le360.ma” التي تقدس الماجيدي لإجهاض تجارب مختلفة عنها، رغم أننا، في “كود”، لا وجود لنية مبيتة لنا في الإساءة لأحد، واخترنا منذ ميلادها عدم الاصطفاف في جهة ضد جهة.
يعتقد الماجيدي أن كل شيء مباح بالمغرب، وهو لم يتجرأ لما قرر مقاضاة الصحافي المغربي أحمد بنشمسي في فرنسا على طلب تعويض مدني يفوق في مجموعه 25 ألف أورو، وخرج في الأخير خاسرا في هذه القضية، لكنه هنا، في المغرب، طلب من جريدة رقمية صغيرة مبلغ 5 مليون درهم ليمنحه القضاء 500 ألف درهما.
وإذ تعلن “كود” أنها قررت استئناف الحكم ضد رغبة الماجيدي في إخراسها، تشدد على أنها فعلت ذلك لإيمانها العميق باستمرار الأمل في هذا البلد الذي لم يعدم أبدا أصوات تصدح بالحق حتى وإن كان الثمن غاليا.