كود : يونس أفطيط//
من يطعم بقرتنا كل يوم؟ من يقدم لها الاعلاف لتسمن وتصبح مليئة بالشحم واللحم؟ نحن من نطعمها، وقد أتعبتنا إبنة الثور اللعينة، لا تشبع ولا تكل من الكلأ، ونحن كالبغال لا ليس كالبغال فقط، نحن نموذج حي ويمشي على إثنان يقدم الطعام ليحلب غيره.
بقرتنا الجميلة لا تسمن أبدا وكأنها مصابة بكل أمراض الهزال، وقد أوهمتنا أنها تمشي على الموضة، وتحب الرشاقة، لنكتشف أن الامر كله مجرد خيانة، إنها تخوننا في الخفاء والعلن، وبدل أن تنتج الحليب فقط، فقد إكتشفنا أنها تأكل السنابل وتنتج رواتب شبحية وشكلاطة حلوة ولينة يعلق جزء من حلاوتها في ذهنك حتى آخر الدهر.
وكم نحب أن نلعب مع بقرتنا الجميلة، الرشيقة حد الهزالة، نتحين الفرصة لنمسكها بالجرم المشهود، وحين يصيح أحدنا “يا ويلاه لقد خانتنا مجددا” نتسابق لرجمها بيد ونقدم لها الاعلاف بيد أخرى، إنها إبنتنا التي تخون مرغمة، هكذا نحب تسميتها، حتى لا تضحك علينا الاقوام، لكننا في القلب نكمد غيظا وقولا أنها خائنة..خائنة أكثر من كل الخائنين.
بقرتنا العزيزة ملك لكل الثيران، لكنها لا تلد لنا العجول ولا الابقار، لأن ضرعها يرضعه الكروج ومن معه.
كم يجيد هذا الشقي الرضاعة، وحتى إذا فطنت له البقرة وركلته عاد مسرعا يبكي ويتمرغ في الارض ويقول لها أنا إبنك العجل الذي لم تلديني، أنا إبنك العجل الذي يرضع بدون كلل.
الكروج ليس مثلنا جميعا، إنه من صنف آخر، يجيد كل شيء تقريبا، الجري وتسويق الملابس وتسيير الشركات والاستثمار في الضيعات الفلاحية، ولكن أكثر ما يجيده هذا الشقي هو رضاعة ضرع البقرة، ولا يكتفي حتى ينضب الحليب من عروقها، فلا نجد نحن غير غائطها، وما الذي ننتظره، لقد أعطيناها الاعلاف فطحنتها وسلمتها لنا سمادا طبيعيا.
أكثر شيء يجيده البطل العالمي هو الجري، ليس الجري في حلبة السباق، بل الجري إلى المكاتب للتباكي وإعادة راتبه مرة أخرى، والحق يقال، أبقارنا لا يستحلبها الكروج وحده، بل حتى “مول الشكلاط” حلبها من قبل، وهناك زملاء للكروج وفنانون وممثلين وكل يفرد له “بزولة” فيستحلب منها على قدر المستطاع.
هل إستشارك أحد يا عزيزي المواطن ليعطي “بزولتك” لأحدهم فيرضع منها؟، في أي القوانين يوجد بند خرق القانون من أجل البطل؟ ولماذا لا نخرقه من أجل الفقير، والمعطل، والمريض.
لست أفهم، لعلي غبي الاغبياء، أو أكلخ أهل الارض، لكني لست افهم، ولن افهم ما حييت، كيف يعتبر بنكيران أن التوظيف المباشر غير قانوني، لكنه يبتلع لسانه عن الابطال الاشباح في الوزارات، أليس الله الذي سيحاسبك إن وظفت المعطلين بشكل مباشر هو الذي سيحاسبك على هؤلاء الاشباح الذين يتقاضون أموال الشعب بغير وجه حق.
حبيبي بنكيران، ودعني أقول لك حبيبي الكتكوت الجميل، الوديع، الطيب، المتساهل، المسامح، مع كل الابطال وما جاورهم، والشرس، الوحش، المخيف، معنا نحن، إنك المثال الحي على “الحسناء والوحش”، حسناء معهم ووحش معنا، لقد جعلت أبقارنا تصل للسبع العجاف، وما رأينا قبلك سبع سمان، لكننا نحبك رغم كل شيء، نعشقك، ونرغب في أن يزيدك الحزب ولاية ثالثة، وما المشكل، هل المشكل مبادئكم الحزبية؟ طز على المبادئ، أنت أفضل من كل المبادئ، نحن لا نريد رئيس غيرك، ففي يدك كل الصلاحيات لكنك لا تستطيع إستعمالها، وفقط تلك الربانية هي التي تجيدها، وتتغنى على الأمة بأسرها ب”عفا الله عما سلف”، إعف عني أيضا بعدما أسرق، أو إجعلني موظفا شبحا وإعفوا عني، وإن كنت لست بطلا أو فنانا، فأنا أعرف أني سأكون في المستقبل شيء من هذا، إنه الحدس يخبرني بذلك، فثق بحدسي وإجعلني شبحا ثم إعفوا عني، ودونك وهؤلاء الرعاع، لا تجعلهم يتنفسون الصعداء، وكلما قالوا هذه هي الاخيرة إقصفهم بزيادة أخرى، فالآن فقط فهمت مائة قرار التي كنت ستتخذها، لقد إتخذت الكثير منها لكن أغلبهم لا يفقهون، لقد تجاوزت عن هفواتهم، ورفعت عنهم الضرائب، وغضضت بصرك عن فضائحهم، لذلك أنت من نريد لولاية ثالثة في العدالة الطبقية والتنمية الشبحية، لا تتوقف رجاء، فالاشباح والاغنياء لا أحد لهم غيرك، أما الرعاع فلهم غائط البقرة الذي لا ينضب مادامت الاعلاف متوفرة.
