عمر أوشن كود ////

حينما تأسس التجمع الوطني للأحرار بعد انتخابات 76 كان المغرب يسعى الى تلطيف صورة بلد تحكمه قبضة حديدية وفوبيا الخوف من الانقلابات.

كان التجمع مولودا ولد في رحم السلطة للعب دور في تعددية يسعى المغرب الى تسويقها كنموذج وسط أنظمة الحزب الوحيد..لكنها كانت تعددية واجهة أكثر منها شيئا آخر.

التجمع سيتحول إلى ميزان قوة حزبي ضد كل ما من شأنه أن يخرج من معطف اليسار الذي كان قبل فترة في ملتقى طرق بين المشاركة والترويض والصعود الى الجبل..

لم أتصور يوما التجمع الوطني للأحرارحزبا كما يفهم من معنى الحزب سياسيا وايديولوجيا وأدبيا وتنظيميا ..

كان ولا يزال مجرد ناد يجمع بعض الاعيان والأثرياء والمستفيدين في القرى والمدن ومؤسسات الدولة.

لم يكن يمينا ولا يسارا ولا وسطا ولا ليبراليا ولا اشتراكيا ولا سلفيا . كان كل الالوان دفعة واحدة.و لذلك استعمل في أكثر من مرة وأكثر من محطة عجلة سوكور في تشكيل الأغلبيات والحكومات..

و كان أي مرشح لوزارة و منصب كبير يمكن أن يظفر بحقيبته باسم الحمامة وهو تكنوقراطي لا يعرف عنوان مقرالحزب ..الحمامة التي تتحول إلى فروج و دجاجة والى برطال فوق السطوح و طائر زرزور فوق السور تتحول إلى فيل أيضا.

لم يكن التجمع في يوم من الايام حزبا .كان قنطرة وجسرا يعبره العابرون الى المناصب والمكاسب..

كانت له جريدة اسمها “الميثاق الوطني” أسسها أستاذنا عبد الله الشتوكي. لكن لم يملك الحزب صحافيين و لا كتابا ولا شعراء ولا مناضلين ..
كان له الاسم التجاري الذي خرج من غرفة الولادة فقط في عهد المرحوم ادريس البصري التي كانت له يد طويلة عريضة في صنع الاحزاب وتوجيهها و تقسيم الخريطة السياسية و رفع فلان الى السماء السابعة و إسقاط الآخر إلى أسفل سافلين و صناعة الانشقاقات ..

تصوروا حزبا خرج الى الوجود وكسب الانتخابات والحكومات والحقائب الوازنة في رمشة عين بماذا يمكن أن ينعت؟

مثل هذه الاحزاب كانت تسمى أحزاب كوكوت مينوت و تسمى الاحزاب الإدارية..

سمعت حكايات ساخرة مضحكة عن ظروف صياغة أديباتها السياسية.. وقد

لا زال حيا بيننا من الصحافيين والاعلاميين الذين ساهموا في تلك الوثائق والبرامج الحزبية التي كانت تكتب بعض المرات على مناديل مقهى في زمن كان فيه الحاسوب مجرد خيال علمي .
هناك قولة معروفة لدى التجمع تقول ” ننتظر وسنرى و في الوقت المناسب سنقول كلمتنا” ..

وبقينا ننتظر كلمة الحزب الحاكم دائما في قضايا كثيرة ..ترددت القولة الجاهزة كثيرا على لسان قياديين و كانت لازمة تكرر في اللحظة التي ينتظر فيها المواطنون موقفا واضحا من الحزب.

اليوم قال لنا الامين العام كلمته بوضوح و لم يفعل ما كان يفعله سابقوه..

وهذه شجاعة تسجل له بغض النظر عن فحوى التصريح و رسائله التي يمكن ان تلخص في : خدام الدولة حريصون على سلامة الامة و استقرار البلد فلماذا كل هذه الضجة والجعجعة على عملية بيع و شراء متعارف عليها .

في الوقت المناسب سنقول كلمتنا.

وانتظرنا سنوات طويلة جدا ليقول لنا التجمع كلمته السحرية.. وها هو اليوم لم يخطئ الموعد و قال لنا: كفوا عن النفخ في القضية لأنكم تلعبون بالنار..

نعم سنكف عن هذه الحماقات .سنكف عن الكتابة والكلام .

سنصمت مادام قد قالها لنا السيد مزوار.

سنتحدث كما تفعل بعض المجلات الناجحة عن ألغاز و أسرار الخرشوف في مطبخ الحسن الثاني و لماذا كان عبد الرحيم بوعبيد يفضل اللحم باللفت على طاجين البرقوق.