كود سبور//
كما تسببت الحرب العالمية الثانية في مقتل عشرات الملايين من الضحايا عبر العالم، تسببت، أيضا، في حرمان الملايين من عشاق كرة القدم لسنوات. فقد حالت دون تنظيم نسختي 1942 و1946، رغم محاولات أدولف هتلر تنظيم النسخة الرابعة، بمشاركة “من حضر”، ضد الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”.
بعدما سكتت طبول الحرب، في عام 1945، بدأ الناس يرممون جراحهم لنسيان المآسي التي خلفتها لغة الأسلحة النارية، وعيش الأفراح من جديد، التي لا يمكن أن تتم مع نسيان الشغف الذي خلقته كرة القدم.
في بداية عام 1948، دعا الفيفا، الذي كان يضم حينئذ 49 دولة، في العاصمة الفرنسية باريس، وكان على جدول الأعمال اختيار البلد المضيف لتنظيم نسخة مونديال 1950، بعد الأورغواي وإيطاليا وفرنسا.
تقدمت البرازيل وسويسرا وألمانيا التي تعرضت للتقسيم بين دول الحلفاء بعد انتصارهم في الحرب. لم تكن الأوضاع لتساعد في تنظيم عرس عالمي على أرض لم تسلم ملاعبها من دمار القنابل.
أجل الاتحاد الدولي لكرة القدم الحسم في اختيار البلد المضيف إلى حين عقد اجتماع ثانٍ في لوكسمبورج في العام نفسه. وهناك، قرر استبعاد ألمانيا بالإجماع، في الوقت الذي اختار البرازيل، كبلد أمريكي لاتيني، لتنظيم المونديال، فيما اختار سويسرا لتنظيم النسخة الخامسة في عام 1954.
وكانت البرازيل قد حققت، حينها، نهضة اقتصادية كبيرة تحت حكم جيتوليو فاركاس، الذي ترأس البلاد منذ عام 1937. وكانت الحكومة البرازيلية قد انتهت من بناء ملعب ماراكانا، أحد أكثر الملاعب شهرة في العالم، وكان يتسع آنذاك لحوالي 200 ألف متفرج، حسب الروايات التي رافقت أخباره.
غير أن الاتحاد الدولي لكرة القدم وجد، في البداية، إقناع عدد من البلدان الأوربية للمشاركة في التصفيات المؤهلة، واللحاق بمنتخبات إسبانيا ويوغوسلافيا وإيطاليا والسويد وسويسرا وفرنسا التي ترددت في البداية. ففيما قدمت النمسا والبرتغال وتركيا اعتذارها متعللة ببعد المسافة عن البرازيل، لم ترد هنغاريا، وصيفة بطل نسخة 1938، وبولندا وتشيكوسلوفاكيا على الدعوة أصلا. وفيما فضلت اسكتلندا التركيز على بطولة كأس بريطانيا، قبلت إنجلترا، التي يحسب لها اختراع كرة القدم الحديثة، عبور ظلمات المحيط الأطلسي للمشاركة، لأول مرة، في المونديال كضيف شرف، امتنانا لها.
لم تشكل البلدان الأوربية جبهة رفض المشاركة وحدها، فقد تبعتها بلدان أمريكية، هي الأرجنتين وبيرو والإكوادور التي بررت قرارها بأن أوضاعها الداخلية لا تسمح لها، بينما حضرت المكسيك وبوليفيا وتشيلي والولايات المتحدة وباراغواي وأورغواي، حاملة كأس النسخة الأولى التي كانت تحمل كأس جيل ريمي، المحامي الفرنسي رئيس فيفا وصاحب فكرة المونديال.
حالت الأقدار دون أن يحضر الطاليان، الفائزين بنسختي 1934 و1938، بكل لاعبيهم للدفاع عن اللقب، إذ فقدوا العمود الفقري للمنتخب، المتمثل في لاعبي فريق تورينو بعد سقوط الطائرة التي كانت تقلهم من لشبونة البرتغالية غداة إجرائهم مباراة ودية هناك. قضى في ذلك الحادث 31 فردا من بعثة الفريق، من بينهم 18 لاعبا.
