الرئيسية > آراء > “صفقة القرن”.. في رواية أخرى 
01/07/2019 10:42 آراء

“صفقة القرن”.. في رواية أخرى 

“صفقة القرن”.. في رواية أخرى 

حسن حمورو //

يصعب فهم ما يسمى اعلاميا بـ”صفقة القرن”، دون وضعها في سياق الازمة التي تواجهها التجارة العالمية، وخارج الحلول المقترحة لايجاد سبل تجاوزها، في كل منطقة مهمة ومؤثرة كالمنطقة المسماة في قاموس الاستعمار بـ”الشرق الاوسط”.

حذر الكثيرون من هذه الصفقة، واعتبروها عملية لبيع فلسطين في مزاد علني، أو إعدام للقضية الفلسطينة، واجهاز على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وأطرت هذا التحذير شعارات أغلبها عاطفية، مثل التي لطالما استعملت في التعبئة واذكاء الحماس لدى الجماهير، والتي عادة لا تسمح بالنظر الى الامور من كل الزوايا، لبناء مواقف وقناعات على أرضية صلبة، تشكل وعيا يستعصي معه التضليل والتدليس، لكنها عموما جعلت الرأي العام العربي يتابع ويسأل عن الصفقة وأطرافها ومن صاحبها وعلى من سترسو!

ويبدو أن النخب العربية والاسلامية المؤمنة بخصوصية الأمة وتميزها الحضاري، مطالبة بتجاوز الكثير من الافكار والمعطيات المتعلقة بفلسطين، التي باتت أقرب الى المسلمات غير القابلة للنقاش أو المراجعة، مع أنها أثبتت محدوديتها في التعبئة لصالح القضية، وأسفرت عن فتور في النضال من أجلها مقارنة مع السنوات الماضية.

وليس القصد هنا الافكار والمواقف المتعلقة بحق الشعب الفلسطيني في نيل الحرية وبناء دولته المستقلة، ولا بجدوى المقاومة كخيار من الخيارات التي اختارها الشعب الفلسطيني، وانما القصد هو ما يتعلق بقراءات معينة في أحداث تاريخية وفي قرارات اتخذتها وتتخذها دول ومؤسسات دولية لها علاقة بالقضية الفلسطينية.

إن النخب العربية والاسلامية، في حاجة للحظات من الهدوء، والابتعاد عن مساحات التوتر الفكري والوجداني، حتى يتسنى لها النظر الى الذات والمحيط بموضوعية، وتفكيك كامل المشهد الذي تعيش فيه، وتعيد تركيب اجزائه وفق معايير تحترم الخبرة التاريخية، وتأخذ في الحسبان قانون السير في الارض كما ورد في القران، وبالتالي امتلاك الشجاعة للقيام بمراجعات عميقة في طريقة التفكير مع تجديد الفهم للمرجعيات الحاكمة والناظمة وادماج المعطيات المستجدة.

المراجعات المطلوبة ينبغي أن تصل الى القضية الفلسطينية، لتدقيق طبيعتها والفاعلين فيها، وما اذا كانت “اسرائيل” غاية أم وسيلة لغاية أخرى، أم مجرد محفز (catalyseur) في تفاعلات اخرى تتعلق بالتاريخ، وبقلب المنطقة العربية، وتتعلق بمسارات طرق التجارة العالمية، سواء ذات العلاقة بالطاقة أو غيرها.

هناك حاجة كذلك الى تدقيق في تحديد عناصر الصراع حول فلسطين، وتمييز القضايا السبب، عن القضايا النتيجة، وتدقيق التمييز بين اعداء الامة حسب الخطورة الاستراتيجية والخطورة اللحظية، وتحديد ما هو رئيسي وما هو ثانوي في التناقضات المطروحة امام الشعوب العربية والاسلامية.

هذا النوع من المراجعات كفيل، بالوصول الى التوصيف الأقرب الى الحقيقة، الذي يمّكن من اتخاذ القرار الصائب أمام كل التفاعلات، وكل المقترحات التي يتبادلها كبار العالم، وتكتفي الامة ازاءها برد الفعل رفضا أو انخراطا في التنفيذ، ومنها “صفقة القرن”، التي يمكن القول أنها ليست بدعة جديدة ولا كارثة حلت دون انذار، وليست شرا مستطيرا وليست خيرا عميما، وإنما نموذج من بين نماذج كثيرة فرضتها المآزق التي تعيشها حركة التجارة العالمية.

ويخبرنا التاريخ أن أغلب الاحداث الكبرى التي هزت العالم، كانت نتيجة لاختناق في حركية التجارة وانسياب الثروة، يسبب بحث حلول لها انفجارات هنا وهناك، يتم بعدها اعادة ترتيب العلاقات، سواء علاقات المجتمعات بدولها او علاقات الدول فيما بينها.

وبالتالي فإن الموقف من صفقة القرن، وجب أن يأخذ بعين الاعتبار التحولات الجارية، والنقاشات الدائرة بين الفاعلين الكبار الباحثين عن مسالك تسوية مشاكل التجارة العالمية، والبحث عن وسائل الزيادة في انتاج الثروة وتحقيق نسب مرتفعة من النمو، لأن هناك فكرة يدافع عنها التجار المسلطون على السياسة، تقول بانه يمكن ان تقوم الدول وتنشأ، أو تُحل النزاعات على الأرض، من خلال ضمان مستويات معينة من تدفق رؤوس الاموال وحركية متصاعدة أو مستقرة للاستثمارات، تضمن مستويات عالية للانتاج وللنمو، هذا النموذج هو الذي قامت عليه دولة روندا ونفسه جرب في العراق، وقريب منه اقترحه طوني بلير عندما كان رئيسا لوزراء بريطانيا، لحل الازمة الايرلندية.

الخطير في صفقة القرن اذا اتفقت اطرافها، أي التي لها مصالح في فلسطين، دينية او تاريخية او قومية او اقتصادية، فستكون المنطقة مقبلة على رجة كبيرة، تحقق مستتبعات الصفقة، من تغير ديمغرافي وعلائقي كبير، ولكن يبقى السؤال المطروح، هو من يمكنه مواجهة هذا المصير، الذي سيكون مكلفا لكل الشعوب المستهدفة أوطانها بمشاريع الصفقة، خاصة أن هذه الشعوب، وإن امتلكت مقومات المقاومة والصمود، الا أنها لا تملك بعد مقومات التأثير !

موضوعات أخرى

03/05/2024 22:22

جماعة المرسى صادقات على جدول أعمالها ودارت اتفاقية مع الجامعة لبناء تيران وفضاء للنساء

03/05/2024 22:00

ملف الطبيب التازي غادي يتحكم هاد العشية وها اش قال التازي ومراتو وخوه فالكلمة الأخيرة امام المحكمة

03/05/2024 21:30

هاد الشي خطير.. حد السوالم تحول لـ”قلعة كبيرة ديال الحشيش” بسباب خوت ردو منطقة الخلايف سوق رايجة لكاع أصناف المخدرات (فيديو)

03/05/2024 21:00

لقجع: المصريين خوتي وانا اول من طلب من مصر استضافة كاس افريقيا 2019 والمغرب كان مدعمها

03/05/2024 20:30

“ضمير” لاخنوش: المغرب فقد 181 الف منصب شغل ونسب النمو ضعيفة بزاف والدين العمومي تزاد بزاف

03/05/2024 20:20

عبد النباوي: 114 مقرر قضائي صدر من غرف “غسل الأموال” وها كيفاش انخرطنا فالمنظومة الوطنية لمكافحة الفساد بتعليمات من سيدنا