هشام اعناجي -كود الرباط//

لا حديث في صفوف موظفي الخزينة العامة للمملكة هذه الأيام سوى عن الآثار المحتملة لمشروع القانون 14.25 الذي تقدم به وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، والذي يقضي بسحب البساط من تحت أرجل نور الدين بنسودة الرجل القوي في الخزينة العامة للمملكة؛ هذا القانون الذي صادق عليه في البرلمان بغرفتيه يوم 13 ماي الجاري وينتظر صدوره في الجريدة الرسمية، ليدق آخر مسمار في نعش هذه المديرية المثيرة للجدل في وزارة المالية.

سحب الاختصاصات من الخزينة العامة، الذي جاء به مشروع القانون الجديد ليس سوى مجرد نتيجة حتمية لتراكمات الخازن العام للمملكة سواء في مجال تحصيل الديون العمومية أو تدبير الموارد البشرية بمديريته؛.

تراكمات الخزينة في مجال التحصيل، كثيرة ومتعددة منها: لجوء الخزينة إلى مسطرة الإشعار للغير الحائز  ATD بكثافة مما أدى إلى اقتطاعات في رواتب الموظفين دون إشعارات مسبقة، كما أن الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية كان له نصيب من هذه الاقتطاعات، رغم حصول العديد من الملزمين على اعفاءات؛ لكن تركيز الاذن المسبق لقبول هذه الإعفاءات في الإدارة المركزية فوت على المواطنين قضاء أغراضهم الإدارية في أحسن الظروف وفي آجال معقولة؛ وكان هذا السبب المباشر الذي دفع لفتيت إلى سحب الوعاء والتحصيل المتعلقان بالرسوم المحلية من الخزينة وتحويلها إلى المديرية العامة للضرائب؛ التي يتسم عملها بالسلاسة والانسابية بعيدا عن البيروقراطية المركزية التي تنعث بها مصالح الخزينة العامة للمملكة.

تراكمات الخزينة في مجال الموارد البشرية:

لعل العنصر البشري الذي يفترض أنه قطب الرحى في أي قطاع عام كان أم خاص؛ إلا أن الخزينة العامة تشكل الاستثناء عن باقي مديريات وزارة المالية من جهة وعن باقي القطاعات الحكومية من جهة أخرى.

“ݣود” اتصلت بالعديد من العاملين بالخزينة موظفين وأطر ومسؤولين؛ وعبروا عن امتعاضهم عن طريقة تسيير بنسودة لهذه المديرية من 2010؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر يشتكي الموظفون من تفشي الأساليب البائدة في التسيير؛ حيث أن مجرد هفوة ولو صغيرة ممكن أن تؤدي إلى حرمان الموظف من العلاوة لمدة قد تصل إلى سنتين وبدون مبرر.

كما أن الحركة النقابية ضعيفة بالمديرية، وفق نفس المصادر، لخوف الموظفين من إبداء آرائهم وانتمائاتهم! كما أن النقل التعسفي للمناضلين هو السلاح الذي يلجأ إليه بنسودة كلما رأى رؤوسا يانعة حان قطافها.

وتضيف المصادر، أن الموظفون المنحدرون من الأقاليم الجنوبية (من كلميم الى الداخلة) يشتكون إقصائهم من التعيين او الانتقال إلى مدنهم، بحيث هناك من قضى أزيد من 15 سنة من العمل ويراسل الإدارة وتتذرع بضرورة المصلحة ويتم رفض طلبهم؛ وفي المقابل نجد باقي المديريات التابعة لوزارة المالية تعين موظفيها دون مشاكل في الأقاليم الصحراوية.

وبالإضافة إلى مشكلة الانتقالات هناك مشكل الاستقالات والترخيصات باجتياز المباريات؛ حيث أن أغلب الأطر الحاصلين على شواهد عليا بالخزينة العامة كالدكتوراه ترفض الإدارة منحهم الترخيص لاجتياز مباريات التعليم العالي؛ وترفض تسوية طلبهم من داخل الإدارة؛ وهذا يطرح إشكالا حول الهجرة الجماعية التي ينوي موظفو وأطر الخزينة القيام بها إلى إحدى المديريات الأخرى والتي لا تتسم بالبيروقراطية وتفشي الأساليب البائدة.

إن مشروع القانون الجديد المتعلق بجبايات الجماعية الترابية، والذي يعتبره خبراء بمثابة القشة التي قصمت ظهر الخزينة العامة؛ وما تلا ذلك من أخبار تروج حول وجود صراع الأجنحة في الوزارة وخاصة بين الخازن العام للمملكة والمدير العام للضرائب من جهة ومن جهة أخرى بين وزارة المالية والداخلية.

جدير بالذكر أن الخزينة العامة للمملكة يشتغل بها حوالي 6000 موظف أغلبهم الموضوعين رهن الإشارة من الجماعات الترابية، لكن بعد التحويل والذي يقضي بتحويل ما بين 60٪ من اختصاصاتها ستظطر إلى التخلي عنهم وإرجاعهم إلى إدارتهم الأصلية؛ بينما يتمسك بنسودة بالباقي ويحاول جاهدا استحداث خزائن إقليمية ووزارية وأنشطة بنكية كي لا يطلق سراح هؤلاء الموظفين الذين ينتظرون الفرصة للخروج من قبضته.

وبين صراع الأجنحة في الوزارة بين الخزينة العامة للمملكة والمديرية العامة للضرائب، حول الموارد البشرية والاختصاصات، يبقى الموظف المالي و خاصة في الخزينة العامة هو الحائط القصير لتصريف هذه الصراعات؛ مما خلق لديه حالة من عدم الاستقرار النفسي و الاجتماعي.