عندما أقرأ ما يروج في الصحافة من أخبار عن وزراء العدالة والتنمية يتملكني إحساس بأن هذه الحكومة تعيش وتحكم قبائل قريش الكافرة قبل بعثة النبي محمد (ص) وليس المملكة المغربية المسلمة سنة  2012. فمرة يطل علينا السيد الرميد بتصريح غريب مفاده أن السياح الأجانب يقصدون مراكش لمعصية الله في الحانات والملاهي، و هو نفس الوزير الذي خرج لتبرير اغتصاب فتاة قاصر والدفاع عن زواجها من مغتصبها باسم القانون والدين الذي لا يحدد سناً للزواج (حسب فهمهم للدين). 

 

و مرة يخرج علينا برلماني من الحزب نفسه ليصف الفنانات بالعاهرات و يطلب قطع الدعم عن المهرجانات، ومرة يخرج علينا منظر الحزب السيد الريسوني ليقر بأن المال الذي تجنيه الحكومة من الخمور حرام لكن دون أن يتحمل وزراء حزبه وزر ذلك، وغيرها من التصريحات التي تعطي الانطباع بأن وزرائنا الجدد يقودون حملة من حملات الفتوحات الإسلامية لتنوير شعب كافر يقترف كل المعاصي والرذائل.
 

آخر مستجدات هذه الحملة هو ما خرج به السيد وزير الاتصال الذي يريد وبموجب قانون منع بث اشهارات ألعاب اليانصيب في القنوات العمومية لأنها وحسب قوله مصدر خراب بيوت المغاربة. سيتعاطف الكثير من المغاربة مع هذا القرار من الجانب الأخلاقي والديني، لكن لا أحد يمكنه أن يضمن اليوم أن إجراء كهذا لن تتبعه إجراءات أخرى للتحكم في ملبس ومأكل الشعب المغربي وحرياته الفردية. 
 

فما يقوم به السيد وزير الاتصال اليوم هو مجرد هروب إلى الأمام لإدراكه التام عدم قدرته اليوم على إصلاح القطاع السمعي البصري وعدم جرأته على تغيير مسؤول واحد في القطاع و عدم تمكنه مسبقاً من حل المشاكل الحقيقية التي عصفت بالقنوات المغربية وجعلتها في مؤخرة ما يهتم به المغاربة اليوم، فكان الحل الوحيد أمام الوزير الشاب هو اختلاق نقاش على الهامش حول موضوع له طابع ديني وإعطائه أهمية قصوى في إطار شعبوي ممنهج يجعل أي معارض لهذا القرار معارضاً لأحكام الدين الإسلامي الذي يتقاسمه المغاربة اليوم.
 

فالشعبوية اليوم هي رأس مال حزب العدالة والتنمية وهي الشيء الوحيد الذي يتقنونه. فالسيد بنكيران الذي هو بالمناسبة رئيس حكومتنا حضر المسيرة التي نظمها المغاربة الأحد الماضي بالبيضاء تضامناً مع القدس ولم يترك الفرصة تمر دون ممارسة شعبويته بامتطائه سيارة أجرة كبيرة (طاكسي كبير) مع أنه كان متوجهاً من المسيرة إلى المطار لتمثيل ملك البلاد في مهمة رسمية بالسنغال، أي أن السيد بنكيران كان بإمكانه استخدام سيارته الوزارية الفخمة دون أدنى مشكل. 
 

والسيد الرباح أعلن عن لائحة “كريمات” النقل التي تظهر أسماء الفنانين والرياضيين وتخفي أسماء السياسيين وذوي النفوذ وراء أسماء شركات و دون اقتراح أي إجراء لتنظيم القطاع، وتراجع فيما بعد عن كشف لائحة المستفيدين من مقالع الرمال. كذلك لائحة المستفيدين من رخص الصيد لن يتم الكشف عنها وغيرها من “الطابوهات” السياسية التي قد تفتح على السيد بنكيران وحزبه جبهات هو في غنًى عنها اليوم لأنه وصل إلى مبتغاه اليوم و هو الحكومة و كراسيها. 
 

لعبة التكفير اليوم قد انكشفت، فإما أن توافقني الرأي وإما أنك ضد الدين وضد الرب وضد الشعب. يجب أن يعلم السيد بنكيران ورجاله اليوم أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين في عالم معولم تنتقل فيه الأفكار بسرعة البرق ودون قيود، فقريش التي يعتزم أسلمتها اليوم هي مملكة مسلمة منذ مجيء إدريس الأول وسكانها تعايشوا مع كل الديانات واحترموا كل الآراء ولن يسمحوا اليوم باستغبائهم أو التحدث باسمهم أو مصادرة حرياتهم.