حميد زيد – كود//

من أين لكم  يا زملائي الصحفيين كل هذه المعلومات عن جمال خاشقجي.

وقد لاحظت أنكم تعرفونه حق المعرفة.

وتعرفون مقالاته. وكتاباته. ومساره. ومواقفه.

وبعضكم كان يقرأ له في الواشنطن بوست. وبالأنجليزي.

يا إلهي. ما هذا. وأي هوة هذه. صارت تفصل بيني وبينكم. وأي تطور. وأي هروب هذا هربتم علي.

والحال أني. وبين الفينة والأخرى. وحين أريد أن أبدو مهما أكتفي بشراء لوموند. وأتبجح بها. وأضعها فوق الطاولة.

وأدخن كصحفي عميق. منزعجا في قرارة نفسي من سعرها الغالي.

بينما أنتم تقرؤون الواشنطن بوست. ولا شك أن بينكم من يقرأ نسختها الورقية.

ولا حظت أيضا أن بعضكم الآخر يعتبر جمال خاشقجي زميلا له.

وهناك من التقاه.

بينما أنا بينكم أجهل كل شيء عنه. وقد فاتني القطار. وأحار كيف أدلي بدلوي في موضوعه. وكيف أجاريكم.

وفجأة. اكتشفت أنكم تجاوزتموني. وأني الوحيد الذي لم يعد متتبعا. وعلى بال.

وربما يعود السبب لأني لم أعد أشاهد قناة الجزيرة. ولا العربية.

وفي كل مرة أعود فيها عن قراري. أجدهما متشاجرتين. ويشتمان بعضهما البعض.

بينما أرى العالم رائعا. ومثيرا. وليس لي وقت أقضيه في متابعة حرب إعلامية بين دولتين خليجيتين.

كما أنه لا تعنيني قطر. ولا تعنيني السعودية. وليس فيهما ديمقراطية. ولا حياة. ولا رواج. ولا فن. ولا سياسة. ولا كرة قدم. ولا مغنيات كليبات. ولا دلوعات. ولا أي شيء يستحق المتابعة.

ناهيك عن أني اشتريت “الإ بي تي في”. وهو كفيل بأن يجعلك لا تفكر في أن تطل على شاشات العرب. ومشاكلهم. ونقاشاتهم. ومعاركهم.

أما حين أقرأ الصحافة الخليجية أذهب رأسا إلى اللبنانيين والعراقيين والمصريين. وإلى الصفحة الأخيرة.

ونادرا ما اهتممت بصحفي خليجي.

وربما لهذا السبب. ربما لهذا. وحدي لا أعرف جمال خاشقجي.

وربما لأني لا أقرأ الإنجليزية.

وكم أثارني حجم اهتمامكم به يا زملائي المغاربة.

ولا أخفيكم أني شعرت بالنقص. وأنه علي. وقبل أن يفوتني الركب. تطوير أدائي.

فقد صار جمال خاشقجي قضية وطنية. وأنا الوحيد الذي لا أعرف عنه شيئا. وليس لي إلمام بالموضوع.

وكل ما أعلمه.

أنه لا فرق بين السعودية وقطر وتركيا. وفي تركيا شعب من الصحفيين مسجون بتهمة بالخيانة.

وقبيلة منهم محكومة بالمؤبد.

وفي قطر. لا شيء بالمرة في قطر. ولا يوجد صحفيون. ولا يوجد معارضون. كي يتم اغتيالهم. ولمحاربة الضجر. والرفاه.

يبحثون عن الكتاب. ويحكمون عليهم بالمؤبد.

أما في ما يتعلق بالسعودية. فهي لم تدعي يوما أنها دولة لحقوق الإنسان. ويمكننا أن نتوقع منها أي شيء.

ومع ذلك

فأنا أجتهد. وأحاول جاهدا اللحاق بركب زملائي.

وأحاول أن أكتب بدوري عن جمال خاشقجي.

وأن أندد بالسعودية. وأتضامن مع زميلي. الذي قيل إنه قطع إلى أطراف. وأن أجعل من الموضوع شغلي الشاغل.

وقضية القضايا.

لكنني. ورغم كل محاولاتي. أشعر بالنقص. وكلما تفرجت في الجزيرة وعدوتها اللدود العربية أشعر بنخزة. وبطعنة.

وأنهم يغتالونني. ويرغمونني على الاهتمام بقضايا لا تعنيني بالمرة.

ولا حيلة لي.

ويلزمي وقت ودروس حتى أتعلم الإنجليزية. واقرأ مثلكم الواشنطن بوست.

وكلما تأخرت

سبقني زملائي

وزاد غضبهم على الأمير بن سلمان

واختاروا خندقهم

وانخرطوا في حرب إعلامية بين دولتين خليجيتين

لا ناقة لنا فيها ولا جمل

ولكي أخوضها

ولكي أصطف بدوري. فإني أشترط تعويضا. ومالا كثيرا. وبالعملة الصعبة.

وعجبي ممن يقوم بذلك مجانا ولوجه الله.

أما عن خاشقجي

فالشرق كله خاشقجيات

وكله قتلى. وموتى. وسجون. واغتيالات.

ووحده دونالد ترامب قادر على أن يوقف جرائم تلك الأنظمة

ولن يفعل ذلك

لأنه ليس مغفلا. فيطلب مقابلا. كي يغض الطرف.