حميد زيد كود ////
أهلنا في جرادة.
ليس لكم أحد يا أهلنا في جرادة.
وليس لكم الأحزاب. وليس لكم العدل والإحسان. وليس لكم الصحافة
فأنتم بعيدون. بعيدون جدا. يا أهلنا في جرادة.
ولا تعولوا على أحد.
لا تعولوا على الإعلام. ولا تعولوا على دعم. ولا تعولوا على مساندة.
ولستم الريف يا أهل جرادة. وقد رأيتم ماذا حدث في الريف.
ولستم رهانا سياسيا لأحد. ولستم منطقة متنافسا عليها.
ولستم الرباط. ولا البيضاء. ولا مراكش. ولا طنجة. ولا أي مكان.
وأعرف أنكم مظلومون.
وأعرف أنكم وحدكم هناك. ومعزولون. وتعانون.
وضحية للتاريخ. وضحية للجغرافيا. وضحية المركز والهامش. وضحية الظلم.
لكن تأكدوا أن ليس لكم أحد.
وأنه يسهل كثيرا قمعكم. وما تتردد فيه السلطة. وما لن تستطيع الإقدام عليه في أي مكان آخر. ستقوم به دون تردد في جرادة.
فلا يخدعنكم أحد يا أهلنا في جرادة.
وقد يزوركم الصحفيون. مرة واحدة. ولن يعودوا. وقد يصورونكم. ويكتبون عنكم. وينجزون روبورتاجات. وبعد ذلك سينسونكم.
وستتحولون إلى خبر متقادم.
هذا قاس. أعرف. أعرف. ولا يجوز قوله. يا أهلنا في جرادة. لكنه واقع للأسف.
وقد تزوركم الأحزاب لكنها لن تعود مرة أخرى.
فلا تقلدوا الحسيمة. ولا تقلدوا أحدا. لأن الجميع سينسحب وسيترككم تواجهون مصيركم لوحدكم.
وستنسحب العدل والإحسان كما تفعل عادة.
وسينسحب الكل. وستكتشفون أنفسكم لوحدكم. تلملمون الجراح. وتحصون ضحاياكم.
يا أهلنا.
يا أهلنا في جرادة.
لا أحد مع الفقراء.
لا أحد.
لا أحد.
لا أحد مع جرادة. وما ذا بإمكان الضعيف والعاجز أن يقدمه لكم.
ولن يراهن عليكم أحد.
ولن يدافع عنكم أحد. ولا تثقوا في هواتفكم الذكية. ولا في الكاميرات. ولا في المواقع الاجتماعية.
ومع الوقت سينساكم الجميع.
ولا تثقوا في أحد.
يا أهلنا في جرادة. وضعكم مؤلم.
لكن صدقوني. لا أحد لكم في السلطة. ولا أحد في المعارضة. ولا أحد في الصحافة. وليس لكم إلا أصواتكم.
وأمهاتكم. وأخواتكم. وآباؤكم. وصغاركم.
أنتم لقمة سائغة.
ولن تترك السلطة احتجاجكم يكبر.
ولن ينقذكم أحد يا أهلنا. ولن يقف إلى جانبكم أحد. ولن يسافر محمد زيان إلى جرادة.
ولن يسافر أي أحد. ولن يتطوع المحامون.
الكل مشغول بأشياء أخرى.
وبحسابات أخرى. وكونوا على يقين أن لا أحد سيتنافس عليكم. ولا أحد سيلتقط الصور مع حراككم.
فلا تتوهموا. ولا تصدقوا أحدا. ولا تعولوا على تضامن.
ولا شك أنكم تعرفون وضعكم أفضل مني.
وأفضل منا جميعا.
ونحن هنا. في الرباط. وفي البيضاء. لكن ليس لنا أي شيء نقدمهم لكم.
نحن أيضا مهزومون هنا في المركز.
ولا أحزاب لنا.
ولا حكومة. ولا معارضة. ولا نقابات.
ولا صحافة.
فلا تعولوا علينا. نحن خصوصا. لا تعولوا علينا.
فلا فنادق في جرادة. ولا سياحة. ولا سهر. و لا أثرياء. ولا علاقات لنا هناك. ولا رفاق. ولا مصالح.
ولن يذهب المناضل إلى جرادة.
ولن يذهب المدون.
ولن يذهب الحقوقي.
وحدكم يا أهلنا.
وحدكم في مدينة صغيرة ومعزولة
مدينة غارقة في حفرة
في مواجهة رجال الأمن الذي قالوا إنهم يطبقون القانون
وقالوا إنكم تخرقونه.
وأرددها يا أهل جرادة
ليس لكم أحد
وليس لكم جالية في الخارح
ولا جمعيات في أوربا
ولا من يتظاهر تضامنا معكم
ولا يكذب عليكم أحد
ولا تعولوا علينا
ولا تنتحروا
ولا تموتوا
ولا تقدموا أنفسكم قرابين
ولا تنخدعوا
فليس لكم أحد
لا أحد لكم
يا أهلنا
وكم هذا الكلام قاس
لكنه واقعي
للأسف.
