حميد زيد – كود//
متى.
حميد زيد – كود//
متى.
متى لم يقل عبد اللطيف وهبي الشيء ونقيضه.
متى حصل هذا.
متى لم يكذب نفسه. متى لم يعارضها. متى التزم بشيء.
متى كان مسؤولا عن لسانه.
متى كان يهتم بكلامه. وبعواقب كلامه.
متى كان معنيا بهذا الأمر. متى كان حريصا أن لا يناقض نفسه. حتى نأتي ونحاسبه الآن. ونستغرب. ونحتج عليه.
ولا مرة.
ولا مرة واحدة كان فيها عبد اللطيف وهبي مخلصا لتصريحاته.
ولا مرة وفى بوعوده.
لذلك ليس من حقنا أن نلومه.
ليس من حق أحد أن يسائله. أو أن يذكره بما قاله.
فالرجل معروف. وهذا طبعه.
لذلك فالعيب ليس في وزير العدل. بل في من يعول عليه. وفي من يأخذ كلامه على محمل الجد.
ومن يفرح به.
ومن يمدحه على أساس أنه سينفذ ما يقوله.
ولن يقوم بعكسه في اليوم التالي.
العيب في من يجهل من هو عبد اللطيف وهبي.
وفي من يظنه جادا وصادقا ومسؤولا.
فهو دائما لا يعني ما يقوله.
ودائما يساء فهمه.
ودائما يعاني من قصور الآخرين في تلقي خطابه السياسي.
ودائما يميز بين وهبي اليوم وهبي أمس.
واليوم له الصفه. وغدا ليست له.
هكذا هو عبد وزير العدل.
هكذا هو الرجل.
ومن يدافع عنه. ومن يمدحه. عليه أن يهتم بهذه الخاصية فيه.
التي يمكن اعتبارها معجزة.
غير متوفرة بهذا الحجم في أي رجل سياسة مغربي.
وفي كل العالم يناقض السياسي نفسه.
لكن ليس بهذه السرعة. وليس في هذا الوقت القياسي.
وفي طرفة عيني يصبح وزير العدل شخصا آخر.
ودائما يظن أن حديث اليوم يمحي في الغد.
في الصباح الباكر.
ودائما هو على قناعة أن الناس ينسون. وأن لا ذاكرة لأحد.
فمنذ مدة صار الجميع يعرف عبد اللطيف وهبي حق المعرفة.
صار شخصا مميزا.
صار بطل التناقض في المشهد السياسي المغربي.
صار وهبي اليوم نقيض وهبي الغد.
صار خصما لنفسه.
صار هو لكنه ليس هو.
صار تياران سياسيان يتناوبان فيه.
صار تناوبا جديدا لوحده.
صار أحزابا كثيرة فيه.
ويقوم بكل هذا بثقة زائدة في النفس. وبغياب أي تلعثم.
كأنه يمارس السياسة في بلاد فارغة من المواطنين.
كأنه يعرف أن لا شيء سيحصل مهما قال ومهما تناقض.
كأنه على دراية كبيرة بالمغرب الحالي.
كأنه فهم المغرب الخالي من الأحزاب ومن السياسة.
كأنه رجل هذه المرحلة وممثلها.
كأنه عنوان لها.
لذلك ليس من حق أحد أن يلومه.
فهو حر.
وليس من حق أحد أن يسأله ماذا تقول يا عبد اللطيف وهبي.
ولا حزبه. ولا الأغلبية. ولا المواطنون.
ولا أنا.
بل علينا أن نتمتع به.
فقط هذا ما علينا أن نحرص عليه أمام هذه الظاهرة السياسية الجديدة.
ومادام عاشقا للكلام وللظهور في وسائل الإعلام. فإنه على الجميع أن يستقبله. كي يتحفنا بتناقضاته.
وكي يزداد تألقا.
وكي يزداد إعجاب المغاربة به. حين لا يجد حرجا في أن يكذب نفسه.
لكن البعض