عمر أوشن- كود

—

من يوم فتحنا عيوننا في هذه الدنيا و نحن نسمع القرآن و نحفظه و نقرأه .
من القرآن تعلمنا كثيرا من الأشياء و القصص و تعلمنا دروس التاريخ و حكايات الشعوب و الأقوام و الأنبياء.
و من القرآن تعلمنا بعض الشعر و بعض الروايات من قصص الأقدمين .

 
من القرآن تعلمنا أن الحياة عابرة زائلة منقلبة و متقلبة غدارة و تعلمنا أن الجبروت و الطغيان لا ينفع في شيء و أن من قال أنا ربكم الأعلى مثل فرعون سينتهي لا يساوي بصلة .
لكن كل هذا القرآن الذي عشقناه وأحببناه وحفظناه وأكلنا عليه العصا صار اليوم مع موضة العصر بضاعة في السوق التجاري مثل صابون اومو و معجون الأسنان و شفرات الحلاقة .
لماذا أصبح القرآن سلعة في السوق بعد أن كان كتابا دينيا مقدسا و مرجعا في المعرفة .
القرآن يسمع و يقرأ في صمت و في خلوة و في عزلة و في أوقات مختارة و لا يسمع في الجوطية و وسط صياح الباعة و الحمداوية يغني ” يمشي و يجي حاجتو مقضية جلول ؟؟.

 
من أراد أن يسمع القرآن و ينصت إلى سوره و آياته الأفضل و الأنسب أخلاقيا و روحيا أن يفعلها وحده بعيدا عن الناس دون أن يفرضه على الآخرين و على الجوار وعلى الجيران بالقوة صحة . من قال لك أنهم راضون عاجبهم الحال؟
قيمة الكتاب هو أن تسمعه و تتصالح مع العالم و الآخرين و ليس أن تفرضه فرضا لزوما و ترفع صوت الكاسيت لقارئ يتصنع و يبكي مثل أي ممثل في دور ..
في السنوات الأخيرة و مع صعود موجات الإسلاميين و المتاجرين في الدين بدأنا نرى ظواهر غريبة عجيبة مستفزة ..
تدخل إلى مصحة إلى قاعة استقبالات أو قاعة انتظار فتسمع القرآن طيلة الليل و النهار على قنوات دينية خاصة..

 
مرة زرت طبيبة عظام و مفاصل في أكدال بالرباط رفقة والدتي فأربكني و أدهشني و أزعجني أنني وجدت نفسي في قاعة انتظار غاصة بالمرضى و الزبناء و الطبيبة في غرفتها “تفحص” بسرعة فائقة و السكريتيرة في الباب تجمع الأموال و القرآن لا يتوقف..

قلت مع نفسي لقد تصيدت أعزيزي.. ربما هذه الطبيبة التي تضع الدرة على رأسها ممن جعلوا القرآن طريقا إلى جيوب الناس..
أمس قال لي صديق مغربي دبلوماسي أعرفه منذ سنوات الدراسة أنه دخل مطعما محترما للسمك في القنيطرة يعرفه من زمان من أحسن مطاعم المدينة لكنه تفاجأ أن القرآن كان وجبة إضافية تقدمها لك الدار بدون فاتورة..

 
جرب أن تأكل السمك مع ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر؟
لماذا نحشر القرآن و هو كتاب عظيم سام متعال في شؤون الدنيا التجارية البسيطة و في الماركوتينغ ؟
هل سمك من يسمع القرآن أجود و أحلى و أنظف من سمك من لا يسمع القرآن سوى في منزله أو لا يسمعه على الإطلاق ؟
البائع المتجول يطلق القرآن و حارس العمارة يطلق القرآن و هو يتجسس على الناس و يوشي بهم و صاحب المحلبة يرفع صوت القرآن و صاحب المقهى المحتال و بائعة الخبز و في مدرجات الكليات و في مكاتب الإدارة وغرف المستشفيات ..شوفوني أسمع القرآن .

 
تسمع القرآن عند مول التاكسي الخامج القذر المخمور كما تسمعه في مكتب المحامي الشلاهبي و مكتب المهندس الغشاش و صالون حلاقة النساء و قريبا سنسمعه إن شاء الله لو استمر الحال على ما هو عليه في البارات و الكاباريهات و علب الليل..
أكيد حين سنسمع القرآن في النوادي الليلة سنجد مجتهدا يقول لنا أنه ناد حلال و يجوز ..تجارة الحلال حققت أرقاما خيالية من الأرباح لشركات هندية و صينية و عالمية .
أنا اسمع القرآن .وأحب سورة يوسف كثيرا.. أني أتهم المتاجرين فقط.