حميد زيد – كود//
كورونا في كل مكان.
كورونا في الولد والبنت.
كورونا في الزوج والزوجة. وفي الطفل. وفي الشاب والكهل والشيخ. وفي الليل والنهار. وفي الرجل. وفي المرأة. وفي الموظف. وفي العاطل عن العمل. وفي اللص. وفي الفقيه. وفي الطبيبة. وفي البائع. وفي الذي لا يغادر بيته. وفي الغني. وفي الفقير. وفي السعيد. وفي الحزين. وفي اليساري. وفي اليميني. وفي الطريق. وفي الوزير. وفي المدير. وفي العطسة. وفي الكحة. وفي السوق. وفي الغرفة المغلقة. وفي الملعب. وفي الأرض. وفي السماء.
كورونا في الجارور. وفي الدرج. وفي السرير. وفي المطبخ. وفي المدرسة. وفي الطقس. وفي الحياة. وفي الروتين. وفي الصباح. وفي المساء. وفي التاكسي. وفي الحافلة المزدحمة. وفي القطار. وفي الجو العام. وفي الواقع. وفي اللغة. وفي النفسية. وفي الرأس. وفي العلية. وفي التحاليل. وفي القرنفل. والعسل. والليمون. وفي اختفاء فيتامين سي. وفي الخطاب. وفي الوجوه.
كورونا متفش.
كورونا في كل واحد منا.
كورونا في كل مغربي تقريبا.
ومن لم تصبه العدوى فيبدو أنه لن يفلت منها.
وإن لم يكن اليوم فغدا.
كورونا معنا.
كورونا أصبح مكونا من مكوناتنا في هذه الفترة.
كورونا لم يعد غريبا.
كورونا هنا.
كورونا يعبر عن نفسه بكل ثقة.
كورونا صرنا نراه بالعين المجردة.
كورونا واحد منا.
وأجزم أنه صار أكثر من المغاربة. ولم يعد لنا من بد إلا التعايش معه.
كورونا يتكاثر.
كورونا عندنا منه ما يكفي.
كورونا لسنا في حاجة إلى استيراده من الخارج.
لكن ما هذا الذي نخاف أن يدخل.
ما هذا الذي وكي نتجنب دخوله نغلق المطارات.
صراحة.
صراحة.
قولوا لنا مم تخافون.
كي تمنعوا الطائرات من الهبوط ومن الإقلاع.
وكي تتركوا المغاربة عالقين في دول بعيدة.
وكي تحرموهم من زيارة أقربائهم. ومن عيادة مرضاهم. وموتاهم.
ما هذا الذي نقتل سياحتنا وشركاتنا واقتصادنا خوفا من تسلله إلى المغرب.
ما هذا الذي نقضي. خشية تفشيه. على الفنادق. وعلى المطاعم. وعلى الاستثمار. وعلى عودة الحياة إلى شكلها الطبيعي.
ما هذا الفيروس الذي نحاربه.
ومن أجل ذلك نفقر الأسر. ونبطل الناس. و نخنقهم.
أليس هو هذا.
أليس هو نفسه الفيروس الذي نراه اليوم فينا جميعا.
أليس فينا.
أليس فيروس كورونا مستقرا في المغرب منذ أسابيع.
أليس كثيرا.
وليس في حاجة إلى دعم من الخارج.
ولا إلى إغلاق حدود في وجهه.
أليس عبثا كل هذا الإغلاق. وهذه القرارات التي تحولت إلى إكراه. وإلى تضييق على الناس.
وإلى ما يشبه الاستبداد.
كأن وزارة الصحة. أو الجهة التي تتخذ مثل هذه القرارات. كأنها تتمتع بذلك.
كأنها تستمتع بمحاربة كورونا.
كأنها لا تريد لهذه القصة أن تنتهي.
ولا لهذا الفيروس أن ينتهي وأن يتم التطبيع معه.
والحال أن كورونا موجود هنا. في الداخل. ولا معنى أن نغلق عليه.
إلا إذا كنتم تخفون سرا من أسرار الدولة.
إلا إذا كان المسؤولون في هذه البلاد يخشون من تسلل شيء آخر.
أخطر من كورونا.
أما كورونا
أما هذا الفيروس
فهو معنا
وقد جربناه جميعا.
وهو هنا. في الشارع. وفي الأحاديث. وفي كل شيء.
ومن المضحك والسريالي أن نغلق المطارات. ونخرب الاقتصاد. و ننغص عيش المغاربة.
بينما لنا من الفيروس ما يكفي.
وفي كل مكان
وفي كل بيت
وفي كل واحد يوجد اليوم كورونا.
ومع ذلك
وبإصرار غريب وغير مفهوم ولا يستوعبه عقل
نستمر في منعه من الدخول إلينا.
والحال أن كل فرد
كل مواطن مغربي. له الآن كورونا خاصته. كما لنا الزكام. ولنا السعال. ولنا البرد. ولنا القشعريرة. ولنا الحرارة المرتفعة.
بينما وزارة الصحة لها رأي آخر.
وحريصة علينا أكثر من اللازم.
وتخشى علينا من الأغيار ومن الأجانب
ومن شدة خوفها علينا فإنها تكاد تخنق بلادا بكاملها.
حتى صرنا نشك.
حتى صرنا نتساءل عن الأسباب الكامنة خلف كل هذا الحرص.
الذي لم يعد يبدو مع الوقت. ومع التطورات. طبيعيا. ولا مبررا. بالمرة.
