كريم الصوفي – عن تيل كيل//
[email protected]

منع مصطفى الباكوري، مدير الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) والأمين العام السابق للبام ورئيس جهة كازا-سطات، من مغادرة التراب الوطني، الاثنين الفايت، خبر زلزل أوساط السياسة والمال والاقتصاد في البلاد، لسبب وحيد. الباكوري خريج مدرسة القناطر بفرنسا، يعتبر من رجال القصر المنعم عليهم، واخا كيفرط بعض المرات.

الغضبات الملكية على بكوري بدات مع مسؤوليته على رأس صندوق الإيداع والتدبير منذ سنة 2001 إلى 2009، قبل إعفاءه من منصبه، لأسباب ربطتها تقارير أنذاك بغضبة ملكية بسبب اختلالات تدبيرية رافقت مشروع كلوب ميد. بكوري اللي دخل من الباب الكبير للصندوق، وقدر يرفع من أرباح الصندوق من 600 مليون درهم إلى 2.5 مليار درهم وأكثر من 100 مليار درهم للأصول، خرج من الباب الصغير لإمبراطورية “سي دي جي” وغبر عن المشهد العام ودخل سوق جواه لعدة أشهر في انتظار المجهول.

ولد حي السعادة الشعبي بالمحمدية ابتسم له الحظ من جديد وعينه الملك على رأس  الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) في 30 دجنبر 2009. عهد إليه بالسهرعلى تنفيذ أجندة مشاريع ضخمة أبرزها حقول الطاقة الشمسية “نور” الأولى والثانية والثالثة والرابعة و”نور العيون” و”نور بوجدور”، وهي المشاريع التي يفترض أن تمكن المغرب من إنتاج 52 في المائة من حاجياته الكهربائية بواسطة الطاقة النظيفة في أفق سنة 2030.

على المستوى السياسي، كان بكوري ضمن أوائل الأطر التكنوقراطيين الذين التحقوا بحركة لكل الديمقراطيين وشكلوا لاحقا نواتها الصلبة، اللي أسست لحزب الأصالة والمعاصرة اللي تولى قيادته ما بين 2012 – 2016، كما تمكن في 2015 من الفوز برئاسة مجلس جهة كازا/سطات.

في 2016، أثار الرجل سخط جهات نافذة بالدولة، بسبب تخصيص مجلس جهة كازا – سطات لدعم سنوي بقيمة 500 مليون سنتيم لفائدة “جمعية أوركسترا الفلرمونية المغربية” اللي بكوري عضو شرفي بها وكيترأسها صاحبو الملياردير فريد بنسعيد مالك “تينور هولدينغ/ holding tenor”، واللي أيضا استفادت “مؤسسة تينور للثقافة” التابعة ليه من دعم صندوق الإيداع والتدبير خلال فترة ترؤسه من طرف بكوري. في العام نفسه، خرج تقرير المجلس الأعلى للحسابات، جزء منه، خصص للجمعيات ذات المنفعة العامة، ومن بينها “جمعية أوركسترا الفلرمونية المغربية” اللي فرش اختلالات مالية وإدارية تستوجب المتابعة طبقا للقانون، بسبب عدم تقديم حسابات استعمال أموال عمومية..

نرجعو للقضية الأهم واللي على إثرها يمكن تمنع بكوري من مغادرة التراب الوطني. في جلسة عمل عقدت يوم الخميس 23 أكتوبر 2020 خصصت لتتبع ملف استراتيجية الطاقات المتجددة، تعرض بكوري للتوبيخ من طرف الملك محمد السادس. بلاغ الديوان الملكي الصادر بعد جلسة العمل، جا فيه، أن الملك سجل بعض التأخير الذي يعرفه هذا المشروع الواسع، كما لفت الملك الانتباه إلى ضرورة العمل على استكمال هذا الورش في الآجال المحددة، وفق أفضل الظروف، وذلك من خلال التحلي بالصرامة المطلوبة.

العديد من المتتبعين، استبعدوا أن تكون المتابعة القضائية المرتقبة في حق بكوري، بسبب بطء وتيرة إنجاز مشاريع مسطرة. لكن دراسة رفعها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى الملك محمد السادس في يوليوز 2020، بشأن السياسة الطاقية للمغرب، كشفت عن “خطأ تقني جسيم” في استراتيجية الطاقة الشمسية التي اعتمدتها مازن.

إنتاج الطاقة بمحطات نور، يعتمد على أنظمة الطاقة الشمسية المركزة المعتمدة على المرايا والعدسات، في الوقت اللي كان خاص التفكير بشكل جدي في استخدام الخلايا الكهروضوئية الصديقة للبيئة اللي كتنتج الطاقة أرخص بـ 12 مرة من انتاجها بأنظمة الطاقة الشمسية المركزة، واخا كاين فرق ديال مدة تخزين الطاقة. وكمثال.. محطات للطاقة المتجددة بمنطقة مينا تستعمل تقنية الخلايا الكهروضوئية، في تونس تكلفة إنتاج 1 كيلوواط تساوي 0.25 درهم وفي مصر تكلفة إنتاج 1 كيلوواط تعادل 0.27 درهم، أما تكلفة إنتاح 1 كيلوواط بمحطات نور، كتراوح مابين 1.38 و1.62 درهم.

دابا الخسائر المالية الناتجة عن هاذ الاختيار الكارثي هي 16 مليار درهم وجميع محطات نورغادي تبدا تسجل في العقدين القادمين، خسائر سنوية بقيمة 800 مليون درهم.. وفي الغالب، هذا هو السبب المباشر وراء قرار منعه من مغادرة التراب الوطني ومتابعته قضائيا مع مسؤولين آخرين عندهم علاقة بهاذ الاختلالات..