كود سبور//

اعتمد الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، في مونديال مكسيكو 1986، نظام بطولة جديد، ينص على تقسيم المنتخبات الـ24 إلى 6 مجموعات، كما حدث في نسخة إسبانيا، لكن مع تغيير يقضي بتأهل المنتخبين الذي احتلا الرتبتين الأولى والثانية، مع تأهل أفضل أربع منتخبات جاءت في الصف الثالث، ثم تجرى مباريات على أساس خروج المغلوب من دور الـ16 حتى النهائي.

وطبق النظام الجديد هذا، وجد المنتخب المغربي كأول مجموعته، في دور ثمن النهائي المانشافت كثاني مجموعة، لكنه تمكن بعد فوزه الصعب على أسود الأطلس، من تجاوز دوري الربع والنصف بسهولة على كل من المكسيك بـ4 لـ1، ثم فرنسا بـ2 لـ0.

وكانت هي المرة الثانية التي يخرج فيها المنتخب الفرنسي، الذي كان يدربه مواطنه هنري ميشيل، في نصف النهائي، وعلى يد جاره الألماني نفسه. وبذلك أسدل الستار على نهاية ملحمة جيل ميشيل بلاتيني ورفاقه، ثم دخل “الديكة” في مرحلة سبات شتوي، غابوا فيها عن مونديالي 1998 و1994، قبل أن يعود صياحهم، بقوة، على أرضهم في صيف 1998.

عرفت نسخة المكسيك، مرة أخرى، إصابة الطاليان بلعنة نهائي مونديال 1982، إذ بعدما اكتفوا بالتعادل (1-1) في المباراة الافتتاحية أمام البلغار، وبنفس النتيجة أمام الأرجنتين، ثم فوز صعب على كوريا الجنوبية (3-2)، غادروا البطولة في دور الثمن أمام الفرنسيين. من طرائف مباراة الأرجنتين ضد الطاليان أن جمهور نابولي شجع الخصم، لأن دييغو أرماندو ماردونا كان يلعب في صفوف الفريق. كما عانى الطليان من عقم هجومي جماعي، إذ سجل أليساندرو ألتوبيلي لوحد أهداف المنتخب الأربعة، فيما سجل الهدف الخامس الكوري الجنوبي تشو كوانغ-راي.

كما من غرائب نسخة 1986، تأهل الأورغواي وبلغاريا إلى دور الـ16 رغم حصول المنتخبين على نقطتين فقط، فيما أقصيت البرتغال رغم جمعها لثلاث نقاط، بعد فوزها على إنجلترا، وخسارتها أمام بولونيا والمغرب.

ابتداء من دور الثمن، كشف الأرجنتينيون عن أسلوب لعبهم، بقيادة ماردونا أو الفتى الذهبي (25 سنة) الذي شق الطريق أمام رفاقه للتتويج باللقب للمرة الثانية في تاريخ المونديال، ليدخل بلاده الدائرة الضيقة التي كانت تضم البرازيل وإيطاليا والأورغواي والألمان.

دشن الأرجنتينيون الطريق، أولا، بإزاحة جارهم الأورغواي، غير أن مباراتهم في الربع أمام النكليز، هي من ستعلق بالأذهان أكثر، بل ستغطي حتى على فوزهم على الألمان في النهائي.

فقد أثبت ماردونا على رقعة الملعب كل ما كان منتظرا منه، وأن الأسطورة، أسطورته هو، لن يتأخر في صنعها، وإحاطتها بهالة اسمه. انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، لكن مع بداية الشوط الثاني (الدقيقة 51)، نجح ماردونا في خداع الجميع، الحكم واللاعبين والجمهور وكاميرات التلفزة، حين سجل هدفا بيده، ثم عاد بعد 4 دقائق، وسجل هدفا ما يزال يعتبر الأجمل في تاريخ كأس العالم حسب الكثير من خبراء اللعبة. لم يخجل أبدا من خداع الكل، واصفا يده التي سجلت الهدف بـ”يد الله”، ثم قال في وقت لاحق “من يسرق لصا، يحصل على 100عفو”، في إشارة إلى ما يعتبره الكثير من الأرجنتينيين بكون بريطانيا سرقت منهم جزر المالوين، والتي فجرت حربا في عام 1983.

ظل ذلك الهدف يسكن الكثير من الإنجليز الذين شاهدوا المباراة. ففي عام 2008، حاول أحدهم، اسمه إيان ويلوورث، غير أنه محاولته باءت بالفشل، ولما قبضت الشرطة زعم ويلوورث أنه أراد الثأر من مارادونا “لأنه راهن بكل أمواله آنذاك على فوز بلاده باللقب، لكن مارادونا تسبب في خسارته”.

كما أن الفتى الذهبي لم ينس أبدا الهدف، بل لم ينس حكم المباراة التونسي علي بن ناصر، إذ أقدم في 2019 أي بعد حوالي عام عن وفاته، على زيارة بيت الحكم في تونس، لماذا؟ ليتعذر له، وهو الذي رفض دائما على أن يعتذر للنكليز.

كان الفوز على كاري لينيكر كافيا ليزيد من معنويات الأرجنتينين، الذين لم يستطع أحد إيقافهم، حتى رفاق الألماني المخضرم كارل هانز رومينغي انحنوا في النهائي أمام إبداع الفتى الذهبي.