19/02/2016 01:30 آراء

قراقوش

قراقوش

خالد الحري مدير تحرير “الصباح” /////

يحكى أن مملوكا روميا مخصيا من أصول أرمينية يدعى قراقوش بن عبد الله، كان يعيش في القرن السادس الهجري في محضيات القصور الفاطمية، قبل أن يقفز بــ «ضربة نرد» إلى واجهة المسرح السياسي، حين نجح في تعبيد الطريق لانقلاب أبيض داخل بيت الحكم المصري، من أجل «التمكين» لصلاح الدين الأيوبي، القائد العسكري الشهير بفتح بيت المقدس. صعد نجم قراقوش، وأصبح شخصية عمومية معروفة، وبدأ يظهر بهندامه الأنيق ولحيته المشذبة إلى جانب الأمير صلاح الدين الأيوبي ووزرائه، قبل أن يصدر الأخير أمرا يعهد فيه إلى المملوك الرومي بحراسة أملاك الفاطميين في مصر وحماية مدخراتهم وخزائنهم، بل تحمس أكثر حين أطلق يده في بناء الحصون والأسوار والسجون والمنافي، لإظهار الولاء أكثر لأولياء نعمته، الذين كانوا يكافئونه بتوسيع اختصاصاته، في إطار ما تسمح به أعراف وقوانين الدولة المصرية في ذاك الزمان.

لم يكتف قراقوش ببناء الأسوار وفصل الشعب عن حقوقه والإجهاز على القوانين والتحايل في تنزيلها، وإظهار «اللهطة» على السلطة والمناصب ومد أذرعه، مثل أخطبوط، في جميع مؤسسات الدولة والمجتمع، بل اجتهد في ابتداع عدد من الأحكام الغريبة، وتوزيع الجزاءات والعقوبات قبل أن ينصب نفسه قاضيا للقضاة، وأمينا للشرطة وحاكما بأمر الله فوق أرضه. كان قراقوش ينهض باكرا، ويأمر الحراس بإدخال المخبرين والواشين إلى غرفته، ويبدأ في استقصاء الأخبار والمعلومات عن معارضيه ومخالفي الرأي ومستقليه، ثم يأمر حراس الأمن والشرطة بإحضارهم بالقوة، من أجل الاستماع إليهم، في أشباه تهم وخزعبلات، ويضغط عليهم من أجل الإجابة، تحت طائلة التهديد وإنزال العقوبات الغريبة، والتلويح بتكميم الأفواه… فلا صوت يعلو على قراقوش زمانه. الحكاية نفسها تقول إن عمنا قراقوش، حين كانت ترفع إليه محاضر الاستماع واستنطاق المخالفين، كان يضحك ويستلقي على قفاه، مثل أبله، ويشرع في توزيع الأحكام، التي تتراوح بين «الفلقة»، في حال التهم البسيطة، والجلد في الساحات العمومية، بسياط مصنوعة من ذيول العجول، أو الحرق بفتائل «المصابيح» على المؤخرات، وقد تصل إلى قطع الرؤوس في التهمة الأكبر المتعلقة بقول الحق برأي مستقل في وجه الحاكمين الجدد. مرت الأيام، وطغى قراقوش وتجبر واستلذ الاستبداد، واعتقد أن الحكم سيدوم له إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ونسي أن الكرسي لو دام لغيره لما آل إليه. مات قراقوش وشيع إلى مزبلة التاريخ بسيئاته، لكن لم يمت الشعب… مازال حيا يرزق، ضد الطغاة والمستبدين. كل تشابه في الأحداث والأسماء والصفات والأفعال مع ما يحدث في المغرب منذ 2011 هو محض صدفة.

موضوعات أخرى

02/05/2024 14:30

أحزاب العمال والعمل وشين ـ فين مغرقين البرلمان البريطاني بالأسئلة حول الصحرا والخارجية: كندعمو جهود الأمم المتحدة

02/05/2024 14:19

بايتاس: الدعم الاجتماعي والزيادة فالصالير خاص يمشي معه إصلاح التقاعد وقانون الإضراب

02/05/2024 14:00

الحزب الشعبي حط مقترح فالكونگرس باش يديرو لجنة مشتركة بين الوزارات لتحليل الوضع فسبتة ومليلية وتأثير سياسات المغرب عليه

02/05/2024 13:30

جامعة الكورة: توصلنا بقرار الكاف القاضي برباح بركان وخسارة USMA بـ3 لزيرو فالروتور وتأهل الفريق المغربي للفينال