الرئيسية > آراء > زمن وكالات الأنباء إنتهى كما إنتهت مطبعة الستانسيل..
19/04/2019 11:00 آراء

زمن وكالات الأنباء إنتهى كما إنتهت مطبعة الستانسيل..

زمن وكالات الأنباء إنتهى كما إنتهت مطبعة الستانسيل..

عمر أوشن – كود//

أفضل اليوم  في هذه الكرونيك نشر نفس الكلمة التي ألقيتها يوم الاربعاء في ندوة المركز المغاربي عن ” الإعلام والحركات الإحتجاجية المغاربية”

ما الذي قمت به هذا الصباح أول ما إستيقظت.

قبل أن أنهض من فراشي تحسست السمارتفون.. ألقيت نظرة .. إطلالة سرعية عما جرى في الليل في العالم الذي كان مستيقظا..

وفيات..إنقلابات ..تفجيرات .. حرائق. حروب .جوائز عالمية . آخر كاريكاتير عن الجزائر. سباق عناوين الصحف عن حادث نوتردام دوباري. أياكس أمستردام .زياش الرائع ..

خسائر شركات ..أرباح أخرى .. إنتحارات ..

بصح حقا لقد صار العالم قرية صغيرة .

نفحصها و نتجسس  عليها كل لحظة من جهاز صغير نحرس أن نضعه في جيوبنا قبل أي شيء آخر..

ماذا الذي جرى ؟ و كيف تم هذا بكل هذه السرعة..؟

تساوى شخص جاهل يجلس في مقهى يعتصر و يعصر الوقت بقهوة وإعادة مشاهدة مباريات كرة قديمة يعاد بثها مع روائي عالمي أو باحث في الاركيولوجيا و تاريخ الحضارات..

هذا ما حذرنا منه امبرتو إيكو حينما تحدث عن أثر الفايسبوك الذي يشبه ثرثرة مخمور في حانة حقيرة..

لكن الموجة عاتية ؟؟ الغالب الله أمام حجم الدمار القادم..

عالم شبكات التواصل الإجتماعي قلب مفاهيم و أسقط نظريات و غير رؤيتنا الى العالم و السياسة و الأخلاق و سيكولوجية الجماهير و وسائل المرافعة و الضغط و الإحتجاج و إسقاط الأنظمة الفاسدة بدعم من أنظمة فاسدة أخرى.

مياه كثيرة جرت تحت الجسر..

و نحن جيل  بوب مارلي  و عبد الحليم حافظ  و محمد  الحياني و الماغوط  و مولود معمري نختلف كثيرا عن جيل أبناءنا..

و فاتحة  الإختلاف الرؤية للمؤسسات و نظام الحكم و الثورات.؟

نحن مررنا من الحزب و الجمعيات و التأطير و التوجيه كأننا في ثكنة عسكرية بينما هذا الجيل يرى الأمور بشكل آخر..

نقرات على الفايسبوك و يمكن أن تخرج الجماهير الى الشارع لو توفرت بعض الشروط.

رجال الأمن في محنة لانهم لو استعملوا  الهراوة و القوة العمومية  سيصور المشهد  و ينقل مباشرة عبر العالم ؟

إلهي ما هذه الورطة ؟.

لم تعد الدولة تملك سيطرتها و إحتكارها لما سماه ألتوسير ” الاجهزة الايديولوجية للدولة” ..

و يقصد بها المدرسة والتلفزيون و رجال الدين و مثقفي السلطة  والصحافة الرسمية ووكالات الأنباء والمساجد..

لقد أضيف لاعب كبير آخر له كلمة وازنة في الموضوع : الفايسبوك و تويتير و مواقع التواصل و حلقات النقاش و تنظيمات أفتراضية تصنع العاصفة و الطقس الجميل كما تشاء ..

من بداية ما سمي” الربيع العربي” الى اليوم توضحت بالملوس حقيقة.. لكن  الاحزاب  تسعى الى  السكوت عنها : إنه فشلها فيما منحه لها الدستور: تأطير المواطنين.

و هكذا لم تعد المظاهرات و المطالب تخرج من مقرات الأحزاب و النقابات بقدر ما تنبثق من كيمياء و تفاعل شبكات التواصل..

الفشل واضح و لمسناه عن قرب..خلال 20 فبراير..حينما ضربت الأحزاب الطم على ما كان يحدث من انتفاضة و مطالب بإسقاط الفساد في كل المغرب..

سيعاد نفس السيناريو مع أحداث جماهيرية أخرى : في إحتجاجات الريف و جرادة و الجنوب الشرقي و سيدي إفني و مسيرة الشموع ضد امانديس في طنجة  وغيرها من الحركات التي تخرج تلقائيا من رحم المجتمع بلا حاجة الى تأطير و لا نقطة نظام ولا بلاغ حزبي أو نقابي..

المواجهة نيشان فاص أفاص بدون بارشوك.. و هذا خطر على سيكولوجية  الجماهير كما على الدول  والحكومات على حد سواء.

لوكان غوستاف لوبون حيا اليوم أكيد كان سيضيف فصلا شاملا عن تأثير السمارتفون في سيكولوجية الجماهير .

من كان يتصور أن  يقع ما وقع في عشرين فبراير لولا الويفي والكونيكسيون والحاسوب.؟

اليوم العدوى ..عدوى الإحتجاج تنتقل بسرعة خاطفة ..و ما يقع في السودان و الجزائر الآن يمكن أن ينتقل مثل غيوم مطرية  الى مناطق اخرى.

ثم أن الجميع يتحدث عن داعش داعش؟

من هي هذه “الدولة الإسلامية في العراق و الشام” التي تملك كل هذه القوة من التهديد و القتل و الإرهاب؟ أليست دولة وهمية إفتراضية على الويب فقط و يمكن أن تخدم قوى مخابرات و مصالح أجنبية تحرك و تتحكم في قطع البوزل..

أنتهى زمن الأحزاب يوم عدل شباب متمرد على جيل الحركة الوطنية العجوزة آخر دستور في المغرب و قلبوا خريطة الطريق المفترضة. و هكذا كان  .ثم قطفها الإسلاميون الذين لم يكونوا يحلمون بالحكم  سهلة مهلة ناضجة..

لكن إلى أين سنمضي وسط هذه الإعصارات.؟

من سيتحكم في القيادة؟ هل سنحلق بدون ربان طائرة ؟ و هل إستوى الذين يعلمون و الذين لا يعلمون .؟

متى سينتهي هذا الفراغ الذي يهدد العالم كله و ليس المغرب فقط.؟

و كيف سنتعامل مه ظاهرة الشهرة و النجومية التي تأتي من فراغ بسرعة ثم تمضي و عنوانها في الغالب : الضحالة و الرداءة و التفاهة و بروموسيون لكل ما هو  زبد يذهب جفاء. يحضرني الآن  وجوه مثل نيبا و سينا و الشيخ سار و إكشوان إكنوان و مصائب أخرى..

هل هي مرحلة جديدة في التاريخ  كما وضح غرامشي: نهاية نظام قديم ينهار و بداية  تشكل نظام جديد لم تتوضحه معالمه.

و ما دور الاحزاب إذا كانت عاجزة عن تأطير الشعب |؟

أليس الدعم الذي تتلقاه  يتحول هنا الى مال سائب حرام و ريع غير مستحق . و متى ستقدم الدولة الدعم لنا نحن الحزب الكبير ..جبهة قوى  الفايسبوك  ؟.

ثم ما  دور الصحافة في زمن أصبحت المهنة بلا راع و لا خط تحرير و لا أخلاقيات.

ترامب و غيره من الرؤساء و المؤثرين في السياسات العالمية لم يعودوا في حاجة الى ندوات صحفية و رسائل دبلوماسية. تدوينة  قصيرة على تويتر قد تساوي ملايير الأورو  أو ترهيب خصوم في رمشة عين.

أما وكالات الأنباء فقد تحولت الى ميت ينتظر الدفن من مدة..كل شخص فوق هذه الأرض يمكن له أن ينشر خبرا سبقا حصريا. زمن الوكالات أنتهى كما انقرضت مطبعة الستانسيل.

السينما وضعت يدها بفنية عالية على التحول العميق. و نجد أفلاما رائعة تحكي قصص لابوكاليبس القادم .

و بعد كل ما سلف .. إن مسؤولياتنا كصحافيين و إعلاميين و ناشطين في الشأن العام والسياسة  تكبر وتكبر.

الله يخرج سربيسنا على خير.

إضاءة صغيرة: لاكرونيك هذه هي ما شاركت به أمس مساء  في ندوة المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام نظمت بالمعهد العالي للأعلام و الإتصال في موضوع الإعلام المغاربي و الحركات الإحتجاجية.

 

موضوعات أخرى

19/04/2024 11:39

أرقام رسمية كتخلع.. أزيد من 82 فالمية من الأسر المغربية صرحات بتدهور المعيشة ديالها

19/04/2024 10:47

موتسيبي رئيس الكاف وصل للرباط ومشى لمركز محمد السادس وعندو أنشطة مهمة فالمغرب هاد الويكاند

19/04/2024 10:30

أسرع ترقية: الحكومة عينات “صديق” بايتاس اللي كان موظف عادي لمدير مركزي ثم كاتبا عاما في أقل من 3 سنوات

19/04/2024 10:00

الطالبي العلمي كاعي من البلوكاج لي داير لشكر لهياكل مجلس النواب واللي تسبب فتعطيل المؤسسة التشريعية