مرت 13 يوما على اعتقال الصحافي علي أنوزلا، لكن الحملة التضامنية المحلية والدولية وبشكل غير مسبوق لازلت متوهجة ومستمرة، ففي كل يوم تجلب كبار المفكرين إلى صفوفها، ببساطة شديدة لان القضية تتعلق بقلم حر.
الفيلسوف الفرنسي ادغار موران ومؤسس موقع ميديا بارت الشهير، ادوي بلينيل، وأسماء إعلامية جد محترمة من كبار الصحفيين في جرائد عريقة ومراسلون ومقدمو نشرات الأخبار في أشهر القنوات الإعلامية، كل هؤلاء رفعوا لافتات تطالب بالحرية الفورية للصحافي المعتقل.
غير ان بعض المواقع الالكترونية والصحف المغربية، خصصت صفحات لجلد الصحافي المعتقل واجتهدت في خلق سيناريوهات عديدة لتوريطه حتى قبل ان يوجه له القضاء تهمه السوريالية، التي لازال قيض التحقيق بخصوصها.
هؤلاء اختاروا إدانة علي من أجل جني رضا جهات غير معلومة، مما كشف للقارئ المغربي على كم المواقع الالكترونية والصحف الموجهة من طرف جهات تعادي حرية التعبير والرأي.
عندما تناقش اليوم الاثنين صحفيا مغربيا يشتغل في مؤسسة تعود لباطرون قريب من السلطة، يبرر لك عدم انخراطه في الحملة التضامنية مع انوزلا، بسبب كم القروض التي ينتظره دفعها في الشقة والسيارة …الخ. هؤلاء يمكن تفهم وضعهم المزري، لأنهم أصبحوا رهائن عند شركات القروض، لكن الغير المقبول هو ان يبحثوا في تفاصيل الحركة التضامنية مع علي ويوجهوا، كما فعلوا اليوم عل. صفحاتهم، للمناضلين الدروس في الأخلاق وفي النضال.
لهؤلاء أقول، مادمت اخترت الخلاص الفردي وجني المال من مهنة تؤدي بغالبية من مارسوها بمهنية بالمغرب، الى الجوع او المنفى او السجن، عليك على الأقل ان تبتعد عن توجيه الدروس في الأخلاق النضالية، لأن النضال يؤسس على التضحية ولا يمكن أن تجني منه في دولة كالمغرب، سوى غضب السلطة والباطرونا الإعلامية الموالية لها.
الصحفيون الذين يعيشون رهائن عند شركات القروض، تخصصوا هذه الأيام في تحقيقات صحفية عجيبة، تخص شكل ولون وأصل المتضامنين مع الصحافي المعتقل، كأن الصحفي المعتقل والمعزول في زنزانة خاصة، هو من اختار الجموع التي تضامنت معه وحركها عبر الهاتف المحمول من زنزانته بسجن سلا2.
للأسف الشديد، هناك من اختار أن يشكك في براءة أنوزلا من الإرهاب، حتى قبل أن يطلع على المحاضر التي صاغتها الشرطة الوطنية القضائية، مع العلم أن القاعدة تقول” المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، لكن هؤلاء بدؤوا في التشكيك في برائته، حتى دون أن يعلموا ان الصحافي المعتقل رفض التوقيع على المحاضر، بل والى حدود الساعة يرفض الكلام أمام قاضي التحقيق، لان أنوزلا يرفض بشكل قاطع متابعته بقانون محاربة الإرهاب.
بدل أن نفتح نقاشا عموميا، حول الأبعاد السياسية لقضية متابعة صحفي بقانون محاربة الإرهاب، من أجل المساهمة في تشفير الرسائل المخزنية، التي بعت بها النظام المغربي، أصبحنا نتيه في نقاش مائع حول من هو الصحافي المستقل؟ ومن يحق له التضامن مع انوزلا؟ وكم صورة نشر هذا المناضل؟ ولماذا تضامن أمير مع صحافي؟ وغيرها من الأسئلة التافهة، التي يحاول البعض بها تبرير عجزه عن الدفاع على الحرية الرأي والتعبير.
مع هذه السطحية والميوعة في معالجة قضية أنوزلا، نكون قد اخلفنا موعدنا مرة اخرى مع الوطن ، لأننا لم نؤدي دورنا المهني كاملا في تنوير الرأي العام بخصوص هذه النكسة الكبيرة في الحقوق والحريات، والتي خصص لها يا حسرتاه دستور 2011 حيزا كبيرا في فصوله.