عبدالله بوشطارت – باحث فالتاريخ وعضو الحزب الديمقراطي الامازيغي لي تحل//
تظهر كتابات هنا وهناك، داخل المغرب وخارجه، تحت غطاء التحليل الاستراتيجي الفاقد للمعطيات وللمنهجية والتحليل ثم العمق والبناء، تلك الكتابات، تحاول دائما اقحام الامازيغ في بعض الأحداث المتعلقة بموضوع عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل. وقد عمدت الأوساط التي تنشر تلك الكتابات إلى استعمال بعض المفاهيم المغلوطة مثل “الأمازيغ المتطرفون” مثل هذه المفاهيم التي لا وجود لها في الواقع نهائيا في المغرب، كتيارات أو كمجموعات أو حتى كافراد، هي فقط فقاعة يراد بها التأثير إما على الدولة المغربية التي تعرف أن هذه الأوصاف غير موجودة داخليا في أوساط الحركة الأمازيغية، ثم للتأثير على دولة إسرائيل التي تعرف عدة حساسيات وتيارات متباينة داخل أجهزة الدولة لا داعي للدخول في تفاصيلها.
فالحركة الأمازيغية بالمغرب، غير معنية لا من قريب ولا من بعيد بالنقاش حول مسار العلاقات بين المغرب وإسرائيل، فهذه أمور تخص الدولتين، ولها قنواتها المؤسساتية تسهر على ذلك. أما باقحام “الامازيغ المتطرفون كذا” عنوة في سياق سابق لفتح السفارة المغربية في إسرائيل ونظيرتها الإسرائيلية في الرباط، فأعتقد شخصيا، أن ذلك لا يعني الحركة الأمازيغية في ذلك. لأن الحركة التي دافعت وضحت في سبيل إعادة استئناف العلاقات بين البلدين، لم تكن تفعل ذلك لأنها كانت تقوم بدور” السخار” او لأنها عبارة عن وكالة تشغيل يبحث مناضليها لإيجاد فرصة شغل في مكتب تواصل أو في سفارة معينة… وإنما الحركة الأمازيغية كانت تدافع عن مبدأ أساسي مقتنعة به، كما كانت تدافع عن الحريات الدينية ليس فقط قضية اليهود، وإنما أيضا المسيحيين، خاصة الانجيليين الذين دافع عنهم المرحوم داحماد الدغرني في كل من مراكش والبيضاء والرباط، وحقق تراكم قانوني وترافعي مهم في الدفاع عن حقوقهم. أكثر من ذلك، الحزب الديموقراطي الامازيغي الذي أسسه وترأسه المرحوم احمد الدغرني، سنة 2005. نص في قوانينه على احترام حرية المعتقد، وطالب أيضا بضرورة فتح العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل كباقي دول العالم، كما أن الحزب هو الوحيد الذي نص على حرية الجسد..
إذن الحركة الأمازيغية، كانت لها رؤية استراتيجية واضحة، مبنية على احترام الاختلاف والتعددية، وكانت تندد بالأفكار العقيمة والمتطرفة للقوميين والاسلاميين الذين كانوا يسجنون المغرب في عزلة ثقافية وسياسية ودينية وقومية قاسية جدا، حتى أصبح المغرب جزيرة منعزلة عن العالم بالرغم من موقعه الاستراتيجي.. اليوم حين اقتنعت الدولة برؤية الحركة الأمازيغية فإنها، استأنفت علاقاتها مع إسرائيل وكسب المغرب قوته الاستراتيجية في غرب المتوسط، وأصبح الآن في موقع قوي يمكن له نسج علاقاته الديبلوماسية والعسكرية مع أعظم دول العالم كأمريكا والصين وروسيا… واصبحت القوميون العرب وبعض الاسلاميين متجاوزة…
وجب تنبيه البعض، إلى أن الحركة الأمازيغية حاليا تشتغل على نسج علاقات ثقافية محضة وبحثية لتطوير التكوين والبحث العلمي في قضايا تهم الثقافة والحضارة المشتركة بين الامازيغ واليهود في تاريخ المغرب… أما نحت مصطلحات مثل “الأمازيغ المتطرفون” للتخويف والتأثير ومحاولة إيجاد موقع داخل الأوساط هنا وهناك، فلن يجدي نفعا…
الحركة الأمازيغية لا تهتم بلغة الأرباح والأرقام، لذلك لن تجد مناضلا أو فاعلا واحدا في الحركة الأمازيغية ضمن وفود المقاولين والمستثمرين الذين يتهافتون على اقتناص الفرص الاستثمارية مع اليهود… لكن ستجد الامازيغ متحمسون لتنظيم ندوات علمية ولقاءات تكوينية في الجبال والبوادي للحديث عن المشترك الثقافي العبري والامازيغي…لأن الحركة الثقافية الأمازيغية هي حركة فكرية بالضرورة…
حينما يفكر الامازيغ فإن الوطن هو الرابح الأول والأخير.