كود الرباط//

لم يكن الراحل محمد الوفا، رجل دولة فقط، بل كان “مزعجا” كذلك للوزراء في لجان البرلمان، حيث نبش في ملفات كثيرة خلال مروره في البرلمان طيلة ثلاث ولايت، بل “كان متحكما في اختصاصه (المالية) وله ثقافة شاسعة، إذ أن حضوره بمجلس النواب يزعج أحيانا وزراء المالية الذي تعاقبوا على الحكومات في التسعينات”.

لقد لعب الوفا دورا مهما في إخراج ملتمس الرقابة إلى حيز الوجود سنة 1996، حسب شهادة الدكتور محمد زيدوح، لـ”كود”.
وقال زيدوح لـ”كود” إن “الوفا وجه بارز في حزب الاستقلال  ليس لأنه ولج البرلمان لصغر سنه سنة 77 فقط بل لأنه فعلا “محترف سياسي”، بحيث أن “سنوات 77 و84 و96 وضع فيها الوفا بصمات كثيرة في تاريخ المشهد السياسي المغربي وفي تاريخ الحزب كذلك”.

حسب زيدوح، فإن “الوفا رجل الكولسة بامتياز، وصاحب مواقف لها ثمن”.
وبالعودة إلى فترته البرلمانية، قال زيدوح لـ”كود” إن “الوفا برز في مجلس النواب، بجانب مناضلين كانوا معه، على رأسهم محمد بوستة وامحمد ىخيفة وعبد الكريم غلاب، عبد الرزاق افيلال، الوالد اطال الله في عمره، عبد الحق التازي، محمد الدويري.. النقابيين لي كانو ديكا ساعة كانوا ذا عيار ثقيل”.

وتابع زيدوح :”اختصاصه لجنة المالية، كان متمكنا وله ثقافة شاسعة، متخصص في مجال المالية. عندما يحضر للجنة يحرج وزير المالية لأنه كيعرف فين يقيس مما يخلق تعب”.
وفي ولايته بمجلس النواب، “كان رئيسا للمجلس البلدي لمراكش ما بين 1983 و1992 ، المدينة لها مكانة خاصة عند الملك المرحوم الحسن الثاني، حيث تأسس المغرب العربي عندما كان الوفا عمدة للمدينة” يضيف المصدر نفسه.
ويقول زيدوح في شهادته إن “الوفا اشتغل داخل الحزب بدون حساب، وكان طموحا ومكافح ولكن بعيد عن كل الانتهازية السياسية، وهنا أعطي جوج أمثلة بأنه لا تهمه المناصب”.

وتابع :”أولا، كنرجعو لعلاقته مع المعطي بوعبيد، علاقة صداقة خاصة، وعندما عين بوعبيد رئيس الحكومة، تعطات حصة لحزب الاستقلال” مضيفا :”آنذاك بوعبيد اتصل بالوفا وقاليه غانعطيك منصب وزير خارج الكوطا المخصصة لحزب الاستقلال، وهو الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الإدارية”.
“هنا الوفا واخا تعطا ليه منصب وزاري، مشا عند بوستة ولقا بجانبة محمد الديويري وخبرهم بلي أن بوعبيد عطاه منصب خارج كوطا الاستقلال، جاوبو الدويري بلي :”فكيتنيا مشكل داخل الحزب وبلي خاص عبد الكريم غلاب يكون فالحكومة باش يتحل المشكل الداخلي، ونتا باقي عندك مستقبل كبير قدامك”. وفق شهادة زيدوح.
” الوفا متقلقش مدارش ضجة تقبل اللي قالت ليه قيادة الحزب، الوفا  قبل ومشا عند بوعبيد وخبرو بلي هاد المصنب غاياخدو غلاب. هنا كيبان المعنى ديال السياسي المحترم الانيق” يقول الدكتور زيدوح.

وتابع بحيث :”ماشي غير هادي فسنة 98 محمد الوفا مقترح يكون وزير التجهيز، وقبل يومين من تشكيل الحكومة جا المرحوم الحسن الثاني قال لعبد الرحمان اليوسفي :”مكرهناش يكن فيه رجل مهندس تقني في وزارة التجهيز ومحمد الوفا حطوه فالخوصصة”. يحكي الدكتور زيدوح لـ”كود”.
وتابع المتحدث :”آنداك الاستقلال كان مشارك فالحكومة، وكان يوسف الطاهري مقرح وزير الطاقة والمعادن ، ورشيد الفيلالي مقترح يكون وزير الخوصصة “، موضحا :”فاش جا علمهم الوفا، رفض الوفا يكون بلاصت الفيلالي، وقاليهم ماشي بالضرورة نكون فالحكومة باش نزول الفيلالي ولا الطاهري، وقالو ليه اختار اللي بغيتي، آنذاك الوفا عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال رفض يكون فالحكومة”.

وبالتالي :”العمل السياسي، عند الوفا ماشي من منظور انتهازي، بل من منظور نظيف ويحترم المبادئ والالتزامات” يقول زيدح.
وتابع :”هكذا كان محمد الوفاء، وهذه من خصاله. ووفائه للعمل السياسي النظيف ، بدون المس بكرامة المؤسسة التي ينتمي اليها”.
وأضاف :”بطبيعة الحال، من بعد، جاء جلالة الملك محمد السادس، وتم اقتراح محمد الوفا، سفيرا للمملكة في الهند، ومشا عندو سيدنا جوج مرات فزيارة خاصة، ومرة زيارة رسمية”.
“16 سنة من العمل الدبلوماسي المستمر، حيث عينه ملك محمد السادس سفيراً للمغرب في الهند ما بين سنة 2000 و2004، ثم سفير للمغرب في إيران سنة 2006 إلى 2009، ثم سفيراً للمملكة في البرازيل من 2009 إلى 2011″، طيلة هذه الفترة لم يغيب الوفا عن الحزب، يؤكد زيدوح.

وقبيل الانتخابات التشريعية لسنة 2011 التي تعد أول انتخابات بعد دستور 2011، كان الوفا قد عاد إلى المغرب ليستأنف تدريجيا نشاطه السياسي داخل حزب الاستقلال، وبرز اسمه خلال مشاورات تشكيل الحكومة قبل أن يتولى حقيبة وزارة التربية الوطنية”.

وتابع :”نهار دخل الوفا من البرازيل نهائيا، تزامن ذلك مع تعيين عبد الاله بنكيران، رئيسا الحكومة، وبعدها تم اقتراح محمد الوفا وزيرا للتعليم. كان تعيينا متميزا، بمنصب يحظى بعناية خاصة باقتراح جلالة الملك”.

وشدد زيدوح أن “تعيين الوفاء، كان لعدة أسباب منها أن اسمه كان متداول لدى جميع الأوساط المغربية، ولكن لم يكن مقترحا لدى الأمين العام، لكن كان اقتراحا متميزا”.
وأضاف :”وزارة التعليم تحظى بثقة الملك، ولها خصوصية وتميز، لأنها وزارة كتكون اجيال، والمغرب اختار يكون تعليمو منفتح ومتعدد اللغات وديانتنا الاسلام، الاسلام المعتدل المتزن والذي يحترم جميع الديانات وارادة المواطنين”.

في الحلقة الثالثة، غايحكي لينا الدكتور زيدوح، “المؤامرة” اللي دارو قيادات استقلالية باش تبعد محمد الوفا من الأمانة العامة لحزب علال الفاسي، وكيفاش تم خداعه من البرازيل قبل العودة إلى المغرب.