18/04/2024 07:00
ممثل الصبليون فالأمم المتحدة تلاقى دي ميستورا وأكد ليه موقف مدريد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي
حميد زيد – كود//
قبل أن يظهر هذا القيادي في حزب التقدم والاشتراكية.
وقبل أن يطالب ب”إعدام أحمد عصيد على الفور”.
وقبل أن يعتبره من الشواذ” ومن “عملاء الغرب”.
وقبل أن يصفه ب”الحقود والعدو الصريح لكل ما هو عربي أو مسلم”.
قبل ذلك
لم أكن متفقا مع من يقول بنهاية الإيديولوجيات.
ولم أكن أفهم كيف انتهت. ومتى.
وكنت مؤمنا على الأقل بيسار ثقافي.
يسار الأفكار والقيم الذي لا يمكن أبدا أن يصبح يمينا.
كنت مؤمنا بيسار غير محافظ.
بيسار ليبرالي.
أما الآن وبفضل كريم بوطربوش. فقد تأكدت أن كل شيء انتهى.
وليس الإيديولوجيات فحسب.
وانتهى العقل. وانتهى المنطق. وانتهت أسباب الوجود. وانتهت الأحزاب. وانتهت الأفكار.
وانتهى الأمل. وانتهى اليأس. واختلط كل شيء بكل شيء.
كما الغمر.
كما لحظة التشكل الأولى.
وأن المغرب اليوم مقلوب. وعاليه سافله.
ويمكن أن تعثر على يميني متطرف في حزب ديمقراطي اجتماعي.
وسهل أن تجد إرهابيا في حزب يساري.
ويمينيا ماركسيا.
وسلفيا لينينيا. وليبراليا ضد الحرية. وضد اقتصاد السوق.
وإخوانيا تروتسكيا.
وشوفينيا أمميا.
وإرهابيا حداثيا. وتقدميا رجعيا.
وكل هذه الكلمات لم يعد لها من معنى.
وتعني ضدها.
ولا تعني أي شيء.
كلمات في الهواء. كلمات طائرة.
ولمن يشك في ذلك. فليلق نظرة على شبيبات الأحزاب اليسارية المغربية.
وليس التقدم والاشتراكية وحده.
وسيندهش كم هو اليسار المغربي يميني.
وكم هو لا شيء.
وكم هو مجهول الهوية.
وكم أنها مرحلة من تاريخ المغرب وانتهت.
وفي وقت صارت فيه بعض الأسماء في حزب العدالة والتنمية أقرب إلى اليسار. وإلى الحداثة.
صارت أسماء في اليسار تتخونج بالمقابل.
وفي وقت تخلع بعض الأسماء الإسلامية الحجاب.
تتحجب أخرى يسارية.
أما اليمين اليوم. أما أحزاب اليمين المغربية. فقد صارت مليئة باليساريين.
ولا أحد في مكانه.
واليسار في اليمين. واليمين في اليسار. والتكفير في الاختلاف. والكفر في الإيمان.
والمغرب في مكان بعيد. وفي تركيا. وفي الخيال. وفي الأحلام.
والوضع العام ملتبس.
وفي أي لحظة قد يكفرك “يساري”
وفي أي لحظة قد يحرض عليك الناس.
كأي سلفي محترم.
فلا تتفاجأ بلغته. ولا تستغرب من عنف معجمه.
وربما حصل هذا لأن اليسار لم يعد مربحا. وكي تنجح. وكي تجد مكانا لك. فيجب أن تتخونج.
ولأن سوق السياسة في المغرب لم يعد يقبل اليسار.
وإما أن تكون ثريا.
وإما أن تكون إسلاميا.
ولا مكان لليسار.
وهذا ما أكده الرفيق الأخ كريم بوطربوش. حين جمع في شخصه كل التيارات وكل الأفكار.
وجمع السلفية والماركسية.
وجمع أقصى اليمين بأقصى اليسار
والنتيجة هو.
والنتيجة اسمها كريم بوطربوش.
وهو الآن عنوان مرحلة.
وهو الآن رمز.
وهو الآن قد ساعدنا على فهم وضع الأحزاب المغربية.
ولماذا هي ضعيفة.
ولماذا هي غير مؤثرة.
ولماذا يتفشى الإسلام السياسي كوباء.
ولماذا يخنق كل الأحزاب.
ولمن يظن أنه حالة معزولة فهو واهم.
بل إنه ظاهرة.
وهناك بوطربوشات في كل مكان. وفي كل حزب.
وقد برر هذا القيادي في حزب التقدم والاشتراكية ما اقترفه في تدوينته. بأنه كان في لحظة انفعال.
كأن الانفعال لا قيم له.
كأن الانفعال يسمح لك بأن تصبح محرضا. ومكفرا. ووحشا.
كأن الانفعال ليس إنسانيا. ولا ثقافة فيه. ولا تحكمه أفكار. ولا تحكمه قناعات . ولا تحمكه أي إيديولوجية.
لكنها انتهت.
آه.آه. كي لا ننسى. هذا عصر بلا إيديولوجيات.
ولأول مرة استوعب فداحتها.
هذا عصر سلفي. هذا عصر كله شيء فيه مقلوب.
هذا عصر فارغ.
هذا عصر مثقوب.
هذا عصر يتطرف فيه الماركسي اللينيني جهة اليمين المتطرف.
وجهةالإرهاب.
ولا أعرف كي جاء كريم بوطربوش إلى حزب التقدم والاشتراكية
وكيف أصبح قياديا.
لكنها المرحلة التي نعيشها. وفيها يمكن أن تتوقع أي شيء.
والأسماء والمفاهيم والتوجهات هي مجرد أسماء ومفاهيم وتوجهات خاوية من الداخل.
وقد يكون الشيء هو نقيضه.
وذنب أحمد عصيد
أنه لم يندمج في مرحلته
وظل صامدا
وظل مدافعا عن أفكاره
ظل لوحده
ظل كما هو
ولذلك يبدو اليوم غريبا.ونشازا.
ولذلك يهاجمونه
ويهددونه.
وأتساءل كيف سيؤدب حزب التقدم والاشتراكية كريم بوطربوش.
كيف. كيف.
وهل سيدافع عن نفسه بالقول إنه تأتيه لحظات يصبح فيها ماركسيا داعشيا.
وهل سيتفهون موقفه
وأنه كان في حالة غضب
وعندما يغضب القيادي البيبساوي يصير عدوا لحزبه.
يصير سلفيا
يصير ستالينيا
يرسل كل من يختلف معهم إلى أرخبيل الغولاغ.
