حميد زيد – كود//
ما أمتع أن تكتشف جديد الإعلام الجزائري.
ما أمتع أن تتفرج في الإعلام الجزائري وهو يتناول المغرب.
إذ وبمحض الصدفة. وجدتني أمس. بين شوطي مباراة في كرة القدم. أشاهد قناة جزائرية إخبارية جديدة.
ولا موضوع فيها. ولا خبر إلا المغرب.
وفي كل دقيقة تحدث ثورة في المغرب.
وفي كل دقيقة يقع انقلاب في الرباط.
وفي كل دقيقة دعوة إلى إسقاط النظام المخزني.
وكل هذا معزز بالفيديوهات والصور التي تؤكد أن الأخبار والأحداث التي تبثها هذه القناة قد وقعت فعلا.
وكي لا أكون متحاملا على هذه القناة الرائعة والمهنية.
فالثورة بالنسبة إليها وشيكة. وقلب النظام قد يحدث غدا.
وهي تتابعه على مدار الساعة. وفي بث لا يتوقف.
ودليلها هو فيديوهات من مسيرات 20 فبراير.
وشعارات ليسقط الفساد. وليسقط المخزن.
وهو وقفات أمام البرلمان لمناهضي التطبيع.
أما قادة الثورة فهم أحمد ويحمان. ومناضلو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
ورغم القمع الذي تقدمه مصورا.
ورغم وقوف رجال الشرطة في وجه الثوار أمام البرلمان.
ورغم الهراوات وفض التجمعات وملاحقة الشعب المغربي إلى باب الحد.
رغم كل ذلك
فقد عشتُ انقلابات بالجملة و ثورات لا تعد ولا تحصى في المغرب بين الشوطين.
وأي احتجاج فهو بالنسبة إلى هذه القناة شرارة ثورة.
حتى أنها قدمت لمشاهديها لوحة فيها سعر البنزين المرتفع في محطة وقود. معتبرة ذلك دليلا إضافيا على أن قلب النظام في المغرب مسألة وقت فقط.
وكل هذا بصوت مقدمة أخبار تتحدث بجدية مبالغ فيها.
و بملل واضح على ملامح وجهها.
وكل هذا يحدث بين الشوطين وفي ظرف خمس عشرة دقيقة.
فما بالك لو تفرجت فيها ساعة أو ساعتين.
وما بالك لو تابعت تلك القناة الجزائرية الإخبارية يوما كاملا.
وفي أي لحظة قد يختفي المغرب.
وفي أي لحظة يمكن لمقدمة نشرة الأخبار أن تضع نظاما جديدا بدل النظام القائم.
ولولا خروجي من القناة الجزائرية لإتمام الشوط الثاني من الماتش. لحدثت ثورات جديدة في الثورات التي تم إخبار الجزائريين بوقوعها في المغرب.
وللأمانة. فما تبثه القناة الجزائرية ممتع جدا للمشاهد المغربي.
لأنه يتمنى وقوع الثورة في المغرب.
ويتبنى خطا تحريريا مهووسا بوقوع حدث سيء في المغرب.
ولأنه مسل.
ولأنه مضحك.
خاصة إذا كنت متعودا على الشاو الاحتجاجي الذي يقع في العاصمة أمام البرلمان.
وخاصة إذا كنت تعرف شباب 20 فبراير.
وتعرف الوقفات والمظاهرات.
وتعرف أنها فيديوهات قديمة وعادية.
وتعرف أحمد ويحمان. وكل تلك الوجوه التي يتم تقديمها. باعتبارها. معارضة. وتتزعم الاحتجاجات.
وهي التي ستقود الثورة. بتنسيق مع المنفيين في الخارج.
وقد كان هذا مثل الإعلام ممكنا في الماضي.
قبل أربعة عقود من الآن.
وقد كانت هذه الدعاية ممكنة في عصور سحيقة.
أما الآن فلم يعد بمقدور النظام الجزائري التقليل من ذكاء مواطنيه إلى هذا الحد.
و اعتبارهم سذجا لا يعرفون الوضع في المغرب.
ولا يعرفون ما يقع في العالم.
وأنه من السهل خداعهم بمثل هذا الأخبار.
ولا شك أن هذه القناة تضحكم هم أيضا.
لكن النظام الجزائري يصر دائما على أن يمتعنا بجديده. وبمشاريعه. وبقناة إخبارية تخييلية.
أطلقها بهدف خدمته لتتحول إلى موضوع للتندر.
وللترويح عن النفس.
ولذلك أنصح كل المغاربة بمشاهدتها بين الفينة والأخرى.
ففي كل دقيقة تقع فيها ثورة. وفي كل دقيقة يقع انقلاب.
وفي كل دقيقة يصدر بلاغ.
وفي كل دقيقة تعود مسيرات حركة فبراير.
ويعود الحراك المغربي.
وكل هذا بجدية تحسد عليها هذه القناة.
ودون أن يرف لمقدمة الأخبار جفن.
التي لا شك أنها تكتم ضحكتها.
قبل أن تنفجر ضاحكة خارج الاستوديو وهي تعد عشرات الثورات والانقلابات التي أخبرت المشاهد الحزائري بوقوعها.
في كل يوم. وكل ساعة. وكل دقيقة. وكل صباح. وكل مساء. وكل غد.
ودائما نفس الخبر.
ودائما المغرب.
