اسرافيل المغربي- كود

—

اكذبوا ..

اكذبوا حتى تصدقوا انفسكم ، هكذا كان يردد وزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز، والذي ادرك مبكرا خطورة ودور الأكاذيب والإشاعات ،في التأثير على الجماهير ومزاحمة الحقائق وتشويهها وأحيانا طمسها او اعادة صياغتها حتى تتناسب وتتوافق مع رؤية وتصور من له مصلحة في ذلك . الأكاذيب اخطر من الحقائق، لكونها وليدة حاجة ما ،او وسيلة لدفع خوف ما او تحقيق هذف ما ..الحقائق قد تنتقد او تفند لأنها تخاطب المنطق والعقل، اما الأكذوبة فتتحول الى وثن يعبد ويمجد ، لأنها تخاطب ما هو غير واعي ولاشعوري لذى الفرد و الجماعة.

الفايسبوك وباقي المواقع الإجتماعية ،قد فتحت افاق واسعة امام مستخدمي الأنترنت ،وجعلت المعارف والأفكار تتبادل وتتصارع وتناقش.. واصبحت وسيلة تسهم في نشر المعارف و تطويرها ،ودمقرطت امكانية الوصول إليها.

 
لكن الى جانب هذا الدور “التنويري” الذي اسهمت مواقع التواصل الإجتماعي فالتأسيس له ، انفجرت سيول جارفة من الأخبار الزائفة والإشاعات، وتم الترويج لها بحماس اكبر وبشغف طافح، سواء بسبب استرخاء وكسل عقلي وعدم رغبة في تبين الأمور وتفحصها وتمحيصها، او من اجل تحقيق حاجة في نفس يعقوب وتصفية حسابات سياسية او غيرها، واحيانا يكون السبب رغبة في ابداء الرأي ،وركوب نفس الموجة التي يركبها الجميع ، وخضوعا مرضيا الى مايمكن تسميته “متلازمة كتابة ستاتو” ، حيث يصاب الفرد بحالة عُصابية، لاتزول الا بكتابة ستاتو، حتى ولو كان مضمونه كذبة او تعليقا عن كذبة او اشاعة يتداولها الجميع .

لقد صار الفايسبوك كنيسة يُعَمّد فيها الكذب ،فيصير حقيقة لايأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، بل ان الخبر لم يعد يحمل قيمته في ذاته ولم يعد المهم صدقيته من عدمها ، بل صار المعيار والمحدد ،في تبني ومنقاشة خبر ما ، هو قدرته على خلق “البوز” ،وجلب الليكات ،وفتح امكانيات للكتابة والتنكت من خلاله و محاربة الملل.ان حالة التبادل الحر للأفكار والمعلومات التي تحققت بفضل الفايسبوك ، تنبأ بظهور عالم مستقبلي، تتقلص فيه الحقائق ،وتسود فيه ،بحار من اللايقينيات والأخبار الزائفة.