ولعل السيد أحمد الميداوي، الذي يشرف على تقارير المجلس الأعلى للحسابات لن يرى في ما أقول مبالغة.
فقد رأينا غابات السيد الحافي، والذي لا يتورع عن اتخاذ قرارات بالتصفية المهنية في حق كل من شم فيه الريحة النضالية، كما وقع لرئيس المهندسين عبد الله السعيدي، غابات بلا أشجار أو غابات ليست ككل الغابات في العالم.
فهو حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات (ص75) لا يحرص على «تعميم التعويض الغابوي على جميع ترخيصات الاحتلال المؤقت، وكذا الأخذ بعين الاعتبار الخسائر والأضرار المسببة لتحديد قيمة هذا التعويض».
وهو لا يحرص، أيضا، على «إلزام المستفيدين بدفع مبلغ تعويض الملك الغابوي قبل منحه رخصة الاحتلال».
وتزداد غرابتنا عندما نعلم أن المستفيدين، مثلا في شيشاوة، شركة ذات مركب سياحي.
السيد الحافي، الذي يجتهد دوما في توجيه الضربات المؤلمة لمن يعملون معه، عليه أن يفسر لنا في ماذا تفيد هذه «الصرامة» التي تبشر بها إذا كان المجلس الأعلى يرى أن المندوبية التي يرأسها، تعفي بعض المؤسسات العمومية والخواص من الضمانة بالرغم من كونهم مؤدون سيئون. يسرد التقرير أسماء كثيرة منها تهيئة الكولف ونادي هاوس.. التي بلغت إتاواتهم التي لم تؤد إلى حدود 2008 قرابة 3 ملايين درهم.
وبمعنى آخر، فإن السيد الصارم وسيف الله المسلول على رقاب العاملين، لا يجد القوة الكافية لكي يستخلص للدولة، التي يتحدث باسمها، أموالها، بالرغم من وجود القانون إلى جانبه.
وقد سجل التقرير نفسه أن «الافتحاص أبرز أن المؤسسات العمومية لا تفي بالتزاماتها، وبالرغم من أن بعض المؤسسات لم تؤد إتاواتها، فإن المندوبية السامية لم تقم بالتدابير اللازمة.»
ويبدو أن التقرير كان عليه أن يضيف «اللهم التدابير التي تمس العاملين الذين لا يحبهم السيد المندوب السامي».
السيد الميدواي يعرف، من خلال التقرير، أن المندوبية التي قال لنا السيد الحافي بأنه يسهر عليها كمومو عينو، أن المندوب لا يمتثل للمقتضيات التنظيمية المنصوص عليها بالمرسوم الملكي رقم66 / .330 بتاريخ 21 أبريل 1967 بمثابة سن نظام عام للمحاسبة العمومية المتعلقة بضبط سجلات المحاسبة الإدارية المعمول بها لتتبع تحقيق مداخيل الدولة».
طبعا لماذا لا تريدون من الفئران أن تغني..؟
وتحط بدورها على أشجار غابات الحافي المندوب السامي للغابات.
للتذكير، هذا العمود الذي سبق وأن نشرناه في يونيو 2010 ، للمطالبة بجبهة للدفاع عن القرارات الدستورية.
نعود إليه بالمناسبة:
«رد الفعل الذي حرك كل فئات المجتمع ومكونات الحقل الوطني ضد قرار المندوب السامي للمياه والغابات، القاضي بمعاقبة مهندس على قيامه بواجبه الدستوري في الاحتجاج السلمي والمنضبط، أي الإضراب، جاء ليكشف أن هناك حالة من التوجس من أمثال هذا المسؤول، ومن أمثال أن يصبح قدر البلاد وقراراتها السياسية بين من يعتبر البلاد ضيعة مفتوحة ويمارس قانون الغاب.
لقد ظهرت بالفعل الحاجة إلى جبهة دستورية حقيقية تدافع عن الدستور وعن الدستورية في العلاقات العامة والعلاقات داخل الإدارات العمومية، وتحمي خمسين سنة من نضال شعب ضد الصقور التقنوقراطيين الذين يحتمون دوما بعلاقات في الخارج.
«آسيدي ألمانيا عْلَى رَاسْنَا وْعِيِنينَا وبلادنا حسن من كامل العالم في قضية الشرف الوطني، وفي قضية الدفاع عن أبنائنا».
هناك اليوم استياء في اليسار، وفي اليمين، وفي المعارضة، وفي الأغلبية، في النقابات، وفي الجمعيات، هناك استفتاء وطني ضد قرار جائر أعاد إلى الأذهان سنوات الجمر والمزاجية والاعتباطية.
«اللي ما فهمش بأن هذا مغرب محمد السادس عليه أن يرحل بحنينه إلى حيث يريد»!!
اليوم أبان الجسم المغربي أنه معافى من أمراض التماهي والاسترخاء أمام السلطة المتعجرفة وأمام الأمزجة المرضى بالطغيان.
ليست هناك اليوم إمكانية لكي تضيع البلاد سنوات أخرى في التردد أمام مثل هذه السلوكات، وبآية ذريعة كانت ، لأن البلاد لم يعد من حقها اليوم أن تخسر مواعيدها.
والصراحة تقتضي أن نقول بأنه لا يمكن لأي مسؤول اليوم أن يسمح لنفسه بأن يعطي الشعور بأن ما يريده ملك البلاد وعاهلها وما يقوله ويردده باستمرار لا امتداد له في الإدارات، وفي المؤسسات، وأن الحكم الفعلي هو لمزاج الأفراد واللوبيات والسلط العائلية والمال والترف ..
هناك اليوم إرادة مشتركة في المغرب لإحداث القطيعة مع فكر القطيع وفكر الحماق» الإداري، وليكن اليوم أيضا تاريخيا لكي يشعر الجميع بأنه ليس في مجري العبث والفردانية ..
وبكل صراحة اللي بغا يمشي حافي في حقل الماضي يمشي، لكن ليبتعد عن الدولة ورمزيتها، وعن المسؤولية، وليعلن، إذا شاء، ميلاد حزب الحنين إلى الماضي، بل ليعلن جبهة سياسية للدعوة إلى عودة الماضي بكل مآسيه، لكن من خارج الإدارة، ومن خارج المسؤولية، ومن خارج الظهائر، ومن خارج المعطف الذي لا يعمل من أجل تشريفه ومن أجل بياضه ونظافته.
نحن نشعر اليوم أن هناك امتحانا لقوى التقدم والإصلاح، وامتحانا للحركة السياسية برمتها، واختبار مدى قدرتها على رفض مثل هذه العقليات البالية والطاعنة في العبث.. وإذا كان المندوب السامي يريد جوابا، فهو الرفض المطلق، والرفض الدائم .. وسنرى من سيحتفظ به التاريخ في ذاكرات الناس ومن سيحتفظ به في…المز….ارات!!
اليوم هناك رد فعل يقول بأن جبهة حقيقية داخل المجتمع تدافع عن قدسية المؤسسات، وقدسية الأفراد وقدسية الحقوق، وقدسية الوطن، ضد كل إرادات العبث.
ولا أعتقد بأن الرسالة للحافي، بل لكل الذين يريدون من المغاربة أن يمشوا حفاة عراة أمام الأمم.!
إن الشعوب التي تسمح للغابات أن تسبقها، عليها أن تنتظر الصحراء وراءها!».
ولنقل مع المسرحي بوشتى، …يافارة غني.!أو في الخارج، من انفصاليين وإرهابيين.