. وآخر حكم نصف عمر وبرصيد شرعية حرب أكتوبر، وكان يتصرف كظل لأنوار السادات ولو في قبره، وفشل في الحفاظ على شرعية صناديق الاقتراع على علاتها بسعيه لتوريث النظام الجمهوري لابنه، وكان في حالة شرود منذ تعديله للدستور في عام 2007، فإن التجربة المصرية لعب فيها ميدان التحرير دورا كبيرا في تسريع ذهاب رئيس آخر انتهت صلاحيته وأصبح عبئا على حلفائه في الغرب وعلى المؤسسة العسكرية الضامن الرئيسي لوحدة مصر وللنظام الجمهوري منذ عام 1953. من هنا تأتي تلك الكلمة السحرية في تصريحات الرئيس الديمقراطي لأمريكا ووزيرته في الخارجية، “الآن” مقرونة بالتفسير الغريب الذي كان يقدمه الناطق باسم البيت الأبيض: “الآن تعني الآن وليس الأمس” عندما طالبوا برحيل حسني مبارك.. لأن الميدان كان يغلي بشرعية “ثورة الفل” على هدى قرينتها “ياسمين” المبنية على شرارة الشهيد البوعزيزي. ربيع الديمقراطية المغربي مازال يحمل ميزة حركة 20 فبراير ولا يملك من شرعيات التأسيس إلا شرعية البيانات الختامية لمؤتمرات الأحزاب الديمقراطيةو اليسارية.
ومجموعة بيانات 20 فبراير غرفت من المتداول من النقاش الحزبي باعتبار أن شبيبات الأحزاب الديمقراطية واليسار كانت فاعلة في مرحلة تأسيس حركة 20 فبراير. قبل أن نعيش تفاصيل 20 فبراير وفي انتظار الآتي الكبير، كثير منا كان يحلم أن يوم الأحد 20 فبراير ستنطلق الشرارة وسنبني “شرعية الميدان”. فمنا من سماها “ثورة البلعمان” وفاء لحمرتها ومنا من سماها “ثورة الصبار” (بضم الصاد وتشديد الباء) تيمنا بجلادة صبر “الدركة المغربية” وآخرون سعوا إلى تعيين مجلس حكماء الثورة، حتى أن أحدهم تطوع لانتقاء أعضاء مجلس الحكماء وتمنى أن يكون رئيسه. وحتى يليق بالمقام شدب لحيته واستبدل بسرعة طقم أسنانه الاصطناعي بواحد جديد ليكون مصطفا ناصع البياض وهو يترجم باسم “حكماء الصبار” مطالب الثورة وسقفها المرحلي في القنوات الدولية والمحافل الديبلوماسية والوطنية.. لكن أي شيء من هذا لم يحدث ورجع حكيمنا إلى بيته عله يجاهد بحكمته في التهام “الهندية” وإن فاته موسم قطفها. في انتظار حلم “بلعمان” وموسم جني “الصبار” نعود إلى واقع 20 فبراير على الأرض، واقع التيار الشمولي الإسلامي الذي لا يحتل من فضاءات هامش الحرية إلا ثلثيها إلى حين، يتعامل مع اليسار وشعبه بمنطق الآية الكريمة الخاصة بالإرث: “وللذكر مثل حظ الانثيين”، أي بمنطق التاكتيك السياسي: “للديمقراطيين ولليسار ولشعبهم الآتي من العالم الافتراضي الثلث، وإن تطورت الأمور فلهم العشر، وإن استوت واستتابوا فلهم في أفضل الأحوال وأكثرها سماحة رسالة انصراف جماعية من أعلى البرج مع إعطاء الحق للكبار من “الفضلاء الديمقراطيين” في الحصول على نسخة مجانية من كتاب “المنهاج” لصاحب القومة ونصيحة لهم بالعودة إلى نسائهم، وأن ينسوا إلى الأبد الخطة المخزنية لإدماج المرأة والقانون المخزني للحريات العامة والدستور المخزني المعدل في عام 1996 والقانون المخزني للصحافة وأشياء أخرى..
ولو بسقفها المعلن في ساحات الميدان لأنها كفر من عمل الشيطان، ولهم أن يحفظوا عن ظهر قلب “المنهاج” ففيه صلاح البلاد والعباد ولن يكون لهم الحق إلا في التعدد والركون إلى حريمهم. يفتقد ربيع الديمقراطية المغربي إلى شهيد استشهد شهادة خالصة وفاء وقربانا لـ 20 فبراير حتى يتحول من حركة إلى “بلعمان”. الذين سقطوا كثر ولكن الشمولي ربما يريده برصاص المخزن حتى تكتمل الصورة وتنطلق الشرارة. لكنها لم تنطلق لأنه في عرف الشمولي حارق نفسه ليس بشهيد، وربما يقبل شهادته لأنه للضرورة أحكام، في انتظار أن يدفع التياري الشمولي الإسلامي بأحدهم ليسقط نفسه برصاص المخزن. فمن يكون هذا الذي سوف يركب جثثه ذالك القابع خلف الستار. لا يحرك من شبابه إلا الأمرد منهم حتى تستوي له وتنزل العمائم بقداسها لتصادر ما تحقق من الحلم وما لم يتحقق، ما تقدم منه وما تأخر، المكتسب المنتزع والمتراكم المتاح والأفق المطلوب. الانخراط في ربيع الديمقراطية المغربي يقتضي أن يقوم الشمولي الإسلامي أولا بالتراجع عن منهاجه وعن شعاره التاريخي. “لا شرقية لا غربية ثورة إسلامية” والذي عوضه مرحليا بشعار “حركة سلمية لا حجرة لا جنوية”. لأن صدر الديمقراطية يتسع للجميع.. للجميع من الديمقراطيين. إلى ذلك الحين عمتم صباحا أيها الديمقراطيون إن لصبارنا المغربي نساءه ورجاله الآتون من زمن الزنازن التي لم يطوها النسيان ولائحة طويلة من شهداء النضال والفعل الديمقراطي التي تجذرت في التاريخ المعاصر. فهل تترك (بضم التاء) لتدخل متحف المنهاج الشمولي كي يشمعها إلى الأبد، كما شمع الناصع من تاريخ إيران! فلنقرأ اليوم “صحيح المنهاج” لصاحب القومة مادامت لدينا الحرية في أن نختار قبل أن نقرأه مجانا غدا ونحفظه عن ظهر قلب كما فعل بشعبه صاحب “الكتاب الأخضر”. ونسائل أنفسنا اليوم عن العطالة الديمقراطية التي توجد فيها الجامعة المغربية منذ 25 سنة، تاريخ اكتساح الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من طرف أنصار الشمولي الإسلامي واستيلائهم على الجامعة المغربية. فمن يتطوع من أهل الديمقراطية واليسار كي يقرأ لنا كتابي صاحب القومة “المنهاج” و”سنة الله” ويجيبنا عن السؤال: عن سر وضعية العطالة الديمقراطية التي ارتهنت لها الجامعة المغربية.