محمود الركيبي -كود- العيون //

فخطوة لافتة، مارسلاتش موريتانيا تهنئة رسمية لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس الجبهة، وهو ما يعتبر تحولا لافتا فالسياسة الموريتانية تجاه نزاع الصحراء، فعادة ما كانت أنظمة نواكشوط المتعاقبة ترسل تهاني بهذه المناسبة إلى قادة البوليساريو.

غياب هذه التهنئة يعكس تحولا في موقف موريتانيا، الذي بات يشير بشكل متزايد إلى احتمال سحب اعترافها بالجبهة، ويعتبر هذا التطور استمرارا لسلسلة من الإشارات السياسية التي أظهرت أن نواكشوط تمهد إلى الإعلان عن تحول كبير في التعاطي مع هذا النزاع الإقليمي، وذلك انسجاما مع التحولات الكبيرة التي بات يعرفها، لصالح حل هذا النزاع في إطار السيادة المغربية على الصحراء.

كما أن هذا التطور يأتي في سياق دينامية إيجابية تشهدها العلاقات المغربية الموريتانية، وتأكيد البلدين حرصهما على تطوير مشاريع استراتيجية للربط بين البلدين الجارين، وكذا تنسيق مساهمتهما في إطار المبادرات الملكية بإفريقيا، خاصة أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، فضلا عن اطلاقهما لمعبر حدودي بري جديد يربط مدينة السمارة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وبلدة بئر ام اكرين الموريتانية.

ويعتبر هذا التحول في سياسة موريتانيا تجاه نزاع الصحراء، جزءا من التراجع الكبير في دعم أطروحة البوليساريو، والذي بدا واضحا في الاحتفالات الأخيرة بمناسبة تأسيسها، حيث مرت هذه المناسبة بشكل باهت بعيدا عن الصخب الذي كان يصاحبها في السنوات الماضية، بعد أن كان تشكل فرصة تحاول من خلالها البوليساريو إبراز وجودها، كما أن ابراهيم غالي لم يتلق سوى عدد محدود جدا من التهاني، من 3 دول فقط وهي الجزائر وزيمبابوي ونيكارغوا.

وتعتبر هذه الخطوة الموريتانية بمثابة تمهيد لمرحلة جديدة من العلاقات في المنطقة، حيث تنحو الدول بشكل متزايد نحو دعم الجهود الأممية لإيجاد تسوية سلمية للنزاع بعيدا عن الطروحات المتجاوزة التي تتبناها الجزائر والبوليساريو، فيما تواصل مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية التي اقترحها المغرب لحل نزاع الصحراء، تحصد المزيد من الدعم الإقليمي والدولي، باعتبارها الحل الوحيد الكفيل بتسوية هذا النزاع الإقليمي.