كود يونس أفطيط///

في 17 مارس 2017 سيعين الملك محمد العثماني صاحب لقب “بنعرفة دالبيجيدي”، رئيسا للحكومة، وفي الوقت الذي تمكن بنعرفة الحقيقي من البقاء كسلطان دمية في يد الاستعمار لسنتين وشهر وعشرة أيام، فإن بنعرفة دالبيجيدي الذي طعن زميله عبد الاله بنكيران من أجل أن يظفر بحلم رئاسة الحكومة لا يبدو أنه سينعم في منصبه طويلا حسب ما يبدو من تصدع بين الاغلبية الحكومية في الوقت الراهن.

ومن غريب الصدف أن ترتبط المحاولة الفاشلة لقتل بنعرفة الحقيقي بإسم بنعبدالله، وهو نفس الاسم الذي يرأس حاليا حزب التقدم والاشتراكية ويقود محاولة فاشلة لتهديد الاغلبية الحكومية، بعدما تم اعفاء شرفات افيلال وحذف وزارتها من قائمة الحكومة، وتعتبر محاولة التقدم والاشتراكية فاشلة لعدة أسباب أهمها أن خروج التقدم من الحكومة يعني أن 12 مقعد فقط هي التي ستخصم من عدد مقاعد الاغلبية البالغة 240 مقعدا، ولذلك يعي التقدم والاشتراكية أنه داخل الحكومة مجرد زينة، والنقاش الدائر داخليا حسب مصادر “كود”، هو انقسام بين أطياف التقدم والاشتراكية التي يرى جزء منها أن الخروج من الحكومة غير مجدي البتة لكون المعارضة الحالية ضعيفة ومشتتة ولا يمكن الانضمام إليها وبناء معارضة قوية، في حين يرى جزءا آخرا داخل التقدم والاشتراكية، أن البقاء داخل الحكومة هو إهانة لتاريخ الحزب وإهانة لعلي يعتة وعزيز بلال، أما الجزء الاخير الذي يريد إدارة الامور بحكمة، فيرى أنه يتوجب البقاء في الحكومة وإدارة معارضة من قلبها، بمعنى أن تكون قلوبهم مع بنعرفة وسيوفهم عليه، هذا الانقسام جعل المكتب السياسي للحزب يعي أن الامور مهددة بالانفجار حزبيا في إتخاذ القادة قرارا إنفراديا لذلك ألقوا بالكرة للمكتب الفيدرالي، حتى ينزعوا عنهم لومة القرار.

ومن هذا المنطلق كانت محاولة تهديد حكومة بنعرفة دالبيجيدي من طرف حزب بنعبدالله فاشلة، كفشل محاولة بنعبدالله الاصلي في قتل بنعرفة الاصلي، لكن في الافق هناك أمل يلوح لحزب التقدم والاشتراكية ليصبح جوكر يلعب على الحبلين بدهاء ويذكي نارا متأججة وسط الاغلبية، كيف ذلك؟، لعل البلاغ الاخير لحزب التقدم والاشتراكية يوضح بالملموس هذا الامر، وذلك أنه الوحيد من بين أحزاب الاغلبية الحكومية الذي دخل على خط الازمة المشتعلة بين البيجيدي والاحرار بسبب تصريحات الطالبي العلمي.

وقد اقتنص رفاق بنعبدالله الفرصة الذهبية وذلك لصب المزيد من النار على الازمة بين الحزبين، كونهم يعون جيدا أن خروج الاحرار من الحكومة سيجعلهم فعليا جوكر ذهبي داخل الحكومة، لكون الاغلبية سيظل لديها 203 برلماني فقط من أصل 395، بمعنى أنها صارت هشة وخروج أي حزب معناه إما إسقاط الحكومة وانتخابات مبكرة، أو أن يبحث العثماني عن حليف بين الاستقلال والبام، وسيفضل العثماني آنذاك إرضاء التقدم والاشتراكية على الدخول في متاهة المفاوضات والابتزاز السياسي لإخراج أغلبية جديدة للوجود.

في هذه المرحلة انتبه العثماني ورفاقه إلى الاشكالية التي تحيط بهم، لذلك يحاول العثماني قدر الامكان إحتواء الازمة، إلا أن الامور لا تصب في صالحه ذلك كونه خارج البلاد، والمكتب السياسي سيد نفسه ونائب الامين العام بالبيجيدي هو بمثابة أمين عام، وكأنها خطة مدروسة، لارهاق الاغلبية في غياب العثماني وجعل العدالة والتنمية تنطح نفسها، بإصدار بلاغ يهدد لا محالة بقاء الاحرار عبر التهجم على الطالبي العلمي.

وقد كان بلاغ البيجيدي النقطة التي أفاضت الكأس الذي ملأه آخرون، ليدخل أخنوش على خط الازمة ويقول “باسطا”، أو باراكا، وهنا يفتح الامر على إحتمالين، إما أن العدالة والتنمية ستستمر في مطلبها بإعفاء الطالبي العلمي وتضغط على العثماني، وهذا سيحيل على خروج الاحرار جملة من الحكومة، أو أنها ستتراجع خوفا من كلمة “باسطا”، التي أطلقها الاحرار، وتنكمش على نفسها دون أن تنبس ببنت شفة!.

لسنا ندري ما سيفعله صقور البيجيدي، فالأمر عندهم مفتوح على كل إحتمال ماداموا قد فاجؤوا المغاربة سابقا وتخلوا عن بنكيران وهم يعلمون أن بقاءهم في الحكومة مرهون فقط برحيل بنكيران، ففضلوا عبارة وزير إلى جانب أسماءهم بدل الحفاظ على مبادئهم التي من أجلها صوت عليهم المغاربة.

قد تكون هذه نهاية بنعرفة دالبيجيدي ليحكم فترة أقل من فترة بنعرفة الاصلي الذي وصلت مدة بقاءه كسلطان للفرنسيين سنتين وشهر وعشرة أيام، فيما لم يتجاوز العثماني سنة وستة أشهر وعشرة أيام، أو قد تكون إستمرار للمهزلة.