كود : عمر أوشن /////
يبدو أن العمراني المدرب الذي خرج من السجن يحتاج إلى الصمت و ليس إلى الكلام …وصفه للغرقى بأنها هدية أهداها إلى الله في هذه المناسبة يذكرنا بالقرابين التي كانت تقدم لنهر النيل في مصر القديمة ..
هل يجوز و نقبل أن الناس فقدت أبناءها و هو يتكلم عن هدية إلى الرب ؟
من يعرفه عن قرب الرجاء يطلب منه أن يسكت ..أن يصمت ..قد يقول مصيبة أخرى.هل الله في حاجة إلى هدايا ؟
كثير من نشطاء الفايسبوك و من السياسيين و المناضلين من مختلف الألوان من الذين تضامنوا معه في شبكات التواصل الاجتماعي لم ينتظروا مثل هذا الكلام الذي يحمل من البراءة و السذاجة مقدار ما يحمل من صدمات و هزات و سفاهة .
الصدمة كانت قوية .و لذلك سارع الجميع إلى التخفيف من الزلزال الذي أحدثه كلام عابر لرجل لا يفهم في تأثير القول على السلوك البشري..
معظم من سمع انه قدم الأطفال هدية إلى الرب مثلما تحكي الأساطير القديمة و مثلما كان يجري في حضارات غابرة سحيقة وضع يده على قلبه و قال: الهي ماذا يقول هذا الرجل ؟ أعذروه و خففوا الأحكام .إن الرجل تحت تأثير الصدمة النفسية و لا يعرف بما ينطق . إنه لا يفهم في الاستعارة و الدلالة و السيميائيات..
الحملة التي وقعت من أجل إطلاق سراحه تبين مرة أخرى ان الفايسبوك تحول بالفعل و بالقوة و بالوجود الملموس إلى اكبر قوة سياسية جماهيرية في البلد ..و لا يمكن للأحزاب كلها مجتمعة أن تنافسه أو تعادل الكفة.
لكن هذه القوة غير كافية لو تركناها تغرق في جمعة مباركة و الشجرة التي تسبح لله و الفيل الذي يصلي الفجر و الآذان الذي يسمع في غابة الامازون و الحصان الذي يطير فوق الكعبة في مكة و فوائد النكاح بعد تراويح رمضان كما قالت لنا ” أخصائية ” تضع الحجاب في آخر خرجة و اسم الرحمان المكتوب على الدلاحة و انشرها و لك الأجر و إذا لم تنشرها فاعلم أن الشيطان قد منعك وقصص مسلية أخرى.
قضية غرقى بحر بوزنيقة و المطالبة بإطلاق سراحه كانت ستشكل تجربة أخرى تضاف إلى القضايا السابقة التي خرجت من الفايسبوك و لقيت صدى واسعا لدى
الرأي العام و انتقلت للشارع إلى أن أنصف المتضررون و أنتصر العدل و الحق .يظهر أن “هدية” المدرب العمراني خدشت الصورة على الأقل .
مرة قال ابو حنيفة: كفاني فيك يكفوني ..
قصته مع رجل أعتقد أبو حنيفة انه رجلا عظيما مهما ذا شأن لكنه ما أن نطق تبين كل شيء مكشوفا .. كان الضيف يأكل من طبق.. صامتا لا يتحدث و لا ينطق بكلمة .صمت الضيف جعل ابو حنيفة في حيرة و خجل و خشية ..لما شبع الضيف نطق قائلا: يكفوني ..تلك “يكفوني” كانت كافية ..جامعة مانعة.. لقد صارت الأمور واضحة جدا لأبي حنيفة الذي نطق : كفاني فيك يكفوني لقد أن لي أن أمد رجلي..
قديما قال سقراط تكلم كي أراك. و هاهو المدرب قد فعلها تحت تأثير الصدمة أو شيء آخر .لكنه فعلها .لقد تكلم فصدم من حملوه على الأكتاف في الفايسبوك.
هناك من الأحزاب من اعتبر اعتقال هذا الرجل مناسبة لتسخين الأجواء الانتخابية و جعله حملة انتخابية سابقة لأوانها ..قرأت في صحيفة من الصحف الالكترونية عنوانا يقول: إطلاق سراح المدرب العمراني ..عاشت الشبيبة الاستقلالية ؟ و الله العظيم لم افهم لحد الساعة علاقة شبيبة حزبية بقصة غرق .
تناسوا الضحايا و الموتى و الغرقى و المفقودين و الأب الجريح المحطم الذي يقضي الليل و النهار يراقب البحر و الموج ينتظر جثة ابنه التي لم يقذفها الماء..
تصوروا رجلا في جحيم الألم و الحرقة فيما الآخرون يفكرون في الانتخابات ..قبح الله السياسة .
السيد العمراني نحن معك دائما .لكننا ناسف أن تصير مصائب الناس أوراقا صالحة لصناديق الانتخابات .
أنت في حاجة إلى راحة طويلة و إلى متابعة نفسية. إلى حبوب نوزينان و فاليوم للنوم .
اللسان ما فيه عظم لكن رجاء لا تتحدث إلى صحافة و لا إلى إذاعة و لا هم يحزنون ..ارتح قليلا و اصمت .أعرف جيدا أن الصحافة تنبش في القبور و تتغذى على أحزان الناس و خرابهم في كثير من المرات. لا تلتف لهم .اضرب الطم عافاك.
لو كنت في بلد آخر و وصل كلامك إلى قاض كانت القضية ستتعقد أكثر و تجد نفسك مكبلا بتهم أخرى .
اصمت رجاء . و الله يخرج العاقبة على خير.