الوالي الزاز -كود- العيون ////
على بعد أيام قليلة من مغادرته منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة نهاية مارس الجاري، أماطت تسريبات سرية اللثام عن تقرير مقتضب لكريستوفر روس (2012/11) أمام مجلس الأمن الدولي، حول أول زيارة له للمنطقة قصد إطلاع المجلس على تطورات ملف الصحراء، المتعلقة بجهوده في التوصل لتسوية سياسية بين طرفي النزاع، بعد قرار مجلس الأمن بتاريخ 24 أبريل 2012.
وذكر المبعوث الأممي مجلس الأمن بزيارته للمنطقة في الفترة مابين 25 أكتوبر و11 نونبر، وكذا بزيارة أخرى لكل من إسبانيا وباريس في الفترة ما بين 12 و15 نونبر، إذ حدد لها ثلاثة أهداف، أولها ما ارتبط بإعداد تقييم عن السنوات الخمس الماضية من المفاوضات، و تحديد أسباب جمود العملية السياسية للملف، بينما أكد أن هدفه الثاني ارتبط بالبحث عن سبل تعديل العملية بغية تعزيز آفاق التقدم، فيما رام من الزيارة أيضا، قياس تأثير الأحداث الجارية في منطقة الساحل على ملف الصحراء، حسب التقرير.
وتحدث كريستوفر روس خلال تقريره أنه اعتمد نقطتين جديدتين رفقة الأهداف المسطرة، وتتعلقان بلقائه بالمسؤولين والبادة السياسيين وممثلي المجتمع المدني بالمنطقة، ثم إجرائه لأول زيارة للصحراء، مؤكدا تعاون حكومات المغرب وموريتانيا وفرنسا والجزائر وبعثة المينورسو، ممتنا لإسبانيا لتوفيرها لطائرة خاصة لتغطية رحلاته بالمنطقة.
وأوضح المبعوث الأممي في تقريره أن السلطات العليا بالبلدان التي زارها أكدت التزامها بالعمل مع الأمم المتحدة للوصول لحل سياسي بالصحراء، بالموازاة مع تمسكها بمقترحاتها الخاصة، على غرار المغرب حين أكد الملك محمد السادس على استعداد المملكة للعمل معه في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وكذا البوليساريو التي أفاد زعيمها أنها منخرطة في العملية السياسية بناءا على ضمان حل يحاكي الإستفتاء لتقرير المصير، في حين ذكر عبد العزيز بوتفليقة أن الجزائر ليست طرفا في النزاع، إلا أنها مستعدة لمرافقة الطرفين في بحثهم عن حل، وبالتوازي مع ذلك ترى أن أي تسوية لا تتضمن الإستفتاء ليست بتسوية على الإطلاق، كما أكد الجانب الموريتاني على لسان رئيس وزرائها لغظف أنها ترغب في لعب دور مفيد لا يخرج عن نطاق “الحباد الإيجابي”، حسب التقرير.
وأعزى روس خلال استنتاجاته للمجلس أن الأسباب وراء الجمود الحاصل تتجاوز رفض الطرفين للحوار على أساس مقترح الآخر، لتمتد لتحميل المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمين العام ومبعوثه الشخصي المسؤولية جراء عدم اعتمادهم لإجراءات حاسمة، مسترسلا أن الأطراف لا تقبل تحمل المسؤولية الرئيسية، على الرغم من تشجيع المنتظم الدولي وتقديمه للأفكار، مبرزا عدم إمكانية فرض أي حل على الطرفين في ظل وساطة أممية بالملف، محددا دوره في الدفاع عن العملية التفاوضية فقط دون المرافعة عن أي اقتراح معين.
وأشار كريستوفر روس أن المسؤولين توافقوا وإياه حول عدم جدوائية عقد مزيد من الإجتماعات حول الملف في ظل عدم وجود أي تغيير، مستطردا أن الأطراف اقترحت قيام المبعوث بمزيد من المشاورات مع القوى الدولبة الرئيسية، تليها جولة في المنطقة.
وأفرد روس في استنتاجه الخامس أن التوتر بمنطقة الساحل ومخاطرها تسببت أيضا في حالة الجمود، موردا أن الجميع يتفق أن العامل المذكور يحتم إيجاد حل مبكر للملف، إذ اتجهت لتعزيز موقفها الدفاعي ضد امتداد التوتر لمناطقها.
واستخلص المبعوث أن المغرب قدم تسهيلات كاملة خلال زيارت للصحراء، معلنا نيته القيام بزيارات أخرى في الوقت المناسب، استنادا لرغبة مؤيدي الحكم الذاتي والإستقلال، الذين تحدثوا بصدق واضح، في حين كان غير قادر على تحديد لأي الكفتين يميل الرأي العام.
ومن بين استنتاج زيارة المبعوث أن زيارته لمخيمات تندوف أحالته على حالة الإحباط التي تعيشها البوليساريو، بحيث لوح البعض ممن التقاهم بالعودة لحمل السلاح، وطالبوا بانسحاب الأمم المتحدة، مذكرا انه التقى بالعاصمة الموريتانية انواكشوط بعض معارضي الجبهة الذين حرصوا على عرض شكواهم عليه.
وعبر المبعوث عن فزعه من الدرجة التي تستخدم بها الأطراف لتسجيل النقاط، مستدلا أن التلفزيون المغربي قص ملاحظاته لإزالة اقتباسه من نص قرار المجلس، وأن زيارته لموفع بعثة المينورسو بتفاريتي حملت مفاجئة بعد ظهور قائد عسكري للبوليساريو أصر على أن يحظى باستقبال شرفي، مشيدا بالدرجة العالية من المهنية للممثل الخاص فايسبرود ويبر خلال تقريره حول عمليات البعثة، ملحا في الآن نفسه على ضرورة توفير موارد أكبر لدائرة الإجراءات المتعلقة بالألغام التابعة للأمم المتحدة بغية آداء واجباتها على أكمل وجه، كما لم يفته الإشارة إلى احترام المغرب والبوليساريو لممثل الخاص للأمين العام داخل البعثة المعهود له الإشراف على المينورسو.
وفيما يتعلق ببرنامج المفوضية السامية للاجئين للمساعدات الإنسانية، أكد أنه استمع للإنشغالات القائمة حول انخفاض مساهمات الحكومات والأطراف المانحة، موضحا أن المغرب ذكره بموضوع تسجيل اللاجئين بشكل فردي، مردفا أن البوليساريو والجزائر أخبراه برضى المفوضية المختصة عن تقديرات اللاجئين.
واستطرد كريستوفر روس أن هناك إشادة عالمية فيما تعلق بتدابير بناء الثقة بين الأطراف، والتي كان من بينها توسيع الزيارات العائلية وتنظيم ندوات بين الصحراويين على غرار لقاءات بجنيف وجزر الأزور، حاثا الجهات المعنية على تكثيف هكذا أنشطة.
وبخصوص مجال حقوق الإنسان أكد المبعوث أنه استلم شكاوي من الطرفين، علاوة على علمه بتوصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان فرع العيون بأخرى مماثلة، وأنه أجرى تحقيفات عديدة بها، إذ ينتظر الرد من السلطات.
وأورد المبعوث أن الملك محمد السادس وبوتفليقة أذنا له بحما رسائل بينهما تحمل رغبتهما في مواصلة تحسين العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر وتوسيع نطاق الزيارات الوزارية التي سبق واتفق عليها الطرفان.
وتطرق المسؤول الأممي في تقريره لاتحاد المغرب العربي ودعوة توتس لعقد قمة مبكرة، مشيرا أن الجميع متفق من حيث المبدأ على ضرورتها، بيد أن الجزائر حذرت من أنه ينبغي الإعداد لها جيدا لضمان نجاحها.
واختتم روس تقريره بالتأكيد بأن الصراع قد دام لفترة طويلة، على الرغم من أن البعض يعتقد بأن استمرار الوضع على ماهو عليه داعي للإستقرار، وأن خلق فرص للسلام محفوف بالمخاطر، مبرزا ان ترك الصراع على هذا الحال قد يطلق شرارة العنف في ظل التهديدات المحيطة بالمنطقة كالإرهاب والتطرف، مطالبا مجلس الأمن والمجتمع الدولي بتشجيع الطرفين على الدخول في مفاوضات جادة للوصول بها إلى نهاية.