حميد زيد – كود//

ككل حركة ثورية فإنها تأكل أبناءها.

وبما أنكم حسمتم الأمر، وقررتم ألا تراجع إلا بعد إلغاء الساعة.

وبما أنكم عازمون على مواصلة النضال، والخروج إلى الشارع، وحرق الحصص.

وبما أن كل القوى الحية قررت دعم حراككم.

وبما أنكم طليعة المستقبل.

وبما أن اليسار يعول عليكم.

وبما أن الكسل صار شكلا نضاليا.

فإني قررت أن أحذركم من ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبتها حركة 20 فبراير المجيدة.

وقبل أن تصبح لكم قيادة.

وناطقون باسم حركتكم التلاميذية.

فاحذروا منهم، واحذروا أن يكون لكم نجوم، واحذروا خاصة من هؤلاء الذين يحبون الحديث إلى وسائل الإعلام.

ومن تلاميذ البيضاء والرباط دون غيرهم.

لأن صنفا منهم سيستغل الفرصة وسيذهب عند سمير عبد المولى إلى طنجة.

وسيركب في سيارته المجنحة ويسهر الليل، وينسى مطلب العودة بعقارب الساعة إلى الوراء.

وصنفا آخر سيذهب عند كريم التازي، وسيشتري له جهاز بلاي، ليلعب به، وينسى الساعة.

وهناك تلميذ منكم سيجلس للتفاوض مع حزب التجمع الوطني للأحرار، ليترشح باسمه في الانتخابات المقبلة.

وهناك من سيلتحق بالبام، ولن يجد للأسف الشديد إلياس العمري، وسينتهي به الأمر ضحية لذكائه.

وهناك من سيشتغل في كود وفي مواقع إلكترونية أخرى، وسيصبح صحفيا، يشار إليه بالبنان، وسيتأسف على غياب المهنية.

وهناك من سينفي نفسه إلى الخارج.

وهناك من سيتخصص في صحافة التحقيق.

وعندما تستيقظون من النضال، ستكتشفون أن الوقت فات، وأن تلاميذ المركز خانوا قضيتكم، وأن الساعة مرت.

ولذلك.

وغيرة مني على هذا الجيل.

وعلى هذه الهبة الجديدة، وعلى انتفاضة النوم.

التي كنت من  أول المنظرين لها، والتاريخ يشهد كم ناضلت من أجل الخمول والنوم والشخير، وكم كتبت حول هذا الموضوع.

وكم مدحت الكسل، وأعليت من شأنه.

وقد كنت أتوقع أي شيء في المغرب، إلا أن تتحقق الثورة التي كنت أحلم بها.

وأن يقتنع مغاربة المستقبل بأفكاري.

وأن ينقلوها من النظرية إلى التطبيق، ومن التأملات، والمثالية، إلى البراكسيس.

وأن يعيدوا إلي الاعتبار.

ولهذا، فإني أعتبركم أبنائي، وتلامذتي.

وأعتبرها ثورتي.

وأحرص على نجاح حركتكم.

لأنها من بنات أفكاري، ولي، وأرى فيها تتويجا لسنوات من الجهد ومن التفكير العميق في محاربة الجهد والعمل وتبديد الطاقات فيه.

ومكافأة لي على مساري الحافل في مدح البطالة.

وعدم القيام بأي شيء، وتأمل النجوم، والاسترخاء.

وفي الوقت الذي فقدت الأمل في أي تغيير.

وفي عصر نعاني فيه جميعا من استبداد العمل، والاستيقاظ، من أجل لا شيء، ظهرتم.

وخرجتم للاحتجاج.

ورفعتم شعاراتي.

وبحت حناجركم بأفكاري وتنظيراتي وفلسفتي في الحياة.

ومنحتموني أملا في الحياة، وفي الأجيال الصاعدة.

ولو دون وعي منكم.

ولو بشكل عفوي.

لكني أفتخر بكم، وأعتز بأن هذا الحلم قد تحقق وأنا حي، ورأيته بأم عيني.

ولذلك أعتبرها ثورتي

وحركتي

وأنا هو الأب الروحي لها

وأخاف أن تفشل

وأن تأكل أبناءها، ويستفيد منها تلاميذ المركز، ويغريهم أمثال سمير عبد المولى، وتغريهم المناصب.

وقد انطلقت شرارتها ضد الساعة

وعليها أن لا تزيغ عن الخط، وألا تتراجع عن مطالبها العادلة.

وأن لا يظهر فيها الانتهازيون، وأن لا تتعرض للتحريف، وألا تتحول إلى مطالب إصلاحية.

وبدل مطلب النوم

وبدل الحل الجذري

وبدل أن تستمروا قابضين على الجمر

فإني أخشى أن يخفت كل هذا الوهج، وكل هذا الحراك، نتيجة الاختراقات، والمساومات، واللقاءات السرية، والإغراءات، والسندويشات، والتنازلات، ويتحول كل ذلك إلى مجرد مطلب بالحق في القيلولة.

ثم القبول بأنصاف الحلول، وبالمسكنات.

كما حدث مع عشرين فبراير.

وكما حدث مع هبات شعبية قبلها.

فإلى الأمام

إلى الأمام

يا طليعة المغرب

والمجد للخمول وللنعاس

وليسقط العمل

وليسقط الاجتهاد

والخزي والعار للساعة ومن يدافع عنها

وللرأسمال الأجنبي

وللخاضعين لإملاءاته

وإنها لثورة حتى النوم

أبعد من الظهيرة. ومن المساء. وإنها لنومة أبدية، يتساوى فيها كل الناس، فقيرهم وغنيهم، وصغيرهم وكبيرهم.

وعاش تلاميذ المغرب

الذين بفضلهم عادت إلي الروح

وعادت إلي الثقة

وتأكدت أن الأفكار لا تموت

وأني ملهم.

وأن المستقبل يبشر بالخير.

وبنومة مغربية عميقة أشبه بنومة أهل الكهف.