هشام اعناجي – كود//
إذا كان هناك شيء واحد لا يمكن إنكاره في المغرب، فهو قدرة ميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، على تحطيم الأرقام القياسية الخارقة…
ليس فقط في نسبة الاستجابة للإضرابات، ولكن أيضًا في عدد الولايات التي يتشبث بها كأنه آخر مناضل نقابي على وجه الأرض!
في تصريح لإذاعة ميدي 1، أعلن الزعيم النقابي الأبدي أن نسبة الاستجابة للإضراب العام بلغت 94.8%، وهو رقم يدفع حتى أصحاب نظريات المؤامرة إلى الشك! فلو كان هذا صحيحًا، لكان المغرب قد تحول إلى بلد من الأشباح، ولتوقفت كل أشكال الحياة الاقتصادية والإدارية…
حتى القطط الضالة كانت ستعلن العصيان المدني!
فالأمر ليس غريبًا على تاريخ النقابة البرصوية التي حطم زعيمها الخارق اليوم أعلى نسبة في مؤشرات الزيف والتضليل.
دولة متوقفة أم زعيم منفصل عن الواقع؟
بحسب هذا الرقم، فالمطارات مغلقة، والقطارات متوقفة، والوزراء عالقون أمام مكاتبهم الموصدة وعاجزون عن ولوجها، والتلاميذ سعداء بعطلة غير متوقعة.
بل ربما حتى رجال الشرطة والإطفاء انضموا للإضراب، فلو شبت النيران في مقر النقابة، لن يجد الرفاق من يطفئها!
لكن الغريب في الأمر أن البورصة لم تنهَر، والرحلات الجوية مستمرة، والنقل العمومي يشتغل، والأسواق لم تشهد شحًّا لا في الخبز ولا الطماطم… إذن، إما أن المغاربة أصبحوا أشباحًا يشتغلون عن بُعد، أو أن الرقم ليس سوى حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة النقابية!
الزعيم الخالد: الولاية الرابعة… والعمر أطول من عمر النقابة!
من غرائب الصدف أن الاتحاد المغربي للشغل يحتفل هذه السنة بذكرى 70 عامًا على تأسيسه، بينما أمينه العام يتجاوز هذا العمر بكثير!
فبدل أن يكون الاتحاد في خدمة الأجيال الصاعدة، نجده تحت وصاية “الحرس القديم” الذين لا يزحزحهم إلا ملك الموت!
المؤتمر الوطني المقبل يوم 20 فبراير سيكون فرصة جديدة لميلودي موخاريق ليس فقط ليؤكد أرقام الإضراب الأسطورية والخرافية، ولكن أيضًا ليؤمّن ولايته الرابعة، وكأن الاتحاد تحول إلى عرش لا يتنازل عنه إلا بعد نفاد كل التعديلات الممكنة على القانون الداخلي!
في الختام… هل النسبة 94.8% صحيحة؟
إذا كانت صحيحة، فيجب على الأمم المتحدة أن ترسل بعثة للتحقيق في كيفية إيقاف اقتصاد بلد بالكامل في يوم واحد!
وإذا لم تكن صحيحة، فقد حان الوقت ليتعلم بعض النقابيين أن الأرقام ليست مجرد “أدوات نضالية”، بل لها تأثير على مصداقيتهم… إن بقي منها شيء!
مفارقة الاستقرار والنسب الخيالية
المفارقة العجيبة أن المغرب يُعتبر من بين أكثر الدول استقرارًا في إفريقيا، بفضل نظامه السياسي، وأمنه الداخلي، واستقراره الاقتصادي والدبلوماسي، فكيف يعقل إذن أن تتوقف البلاد بهذه السهولة؟
هل نحن أمام إضراب أسطوري، أم مجرد أرقام صنعت في المقر المركزي للنقابة ليوم؟