عمر أوشن – كود//
كتاب مثير وممتع كنت قرأته ..
كان معروضا في أسواق مرجان كما يباع الحليب و الزبدة و الصابون و شفرات الحلاقة..
هي حكايات و قصص رواها وقدمها بيير بيلمار ..
و العنوان نفسه يفتح الشهية لمعرفة أقوى قصص النصب المذهلة..
Les genies de l arnaque
..80 chefs d oeuvre de l escroquerie..
تذكرت الكتاب و أنا أتابع حكاية المحامي الذي نصب على الحكومة و الدولة والقضاء و كل شيء..
كان بالفعل عبقريا..داهية..و صاحب ملكات النبوغ…
نبوغ شغله في غير محله ..
في الجريمة قبل أن يشغله في مجال آخر..
أين كانت وزارة العدل والبوليس والمخابرات حينما كان نصاب محام يرافع في المحكمة الادارية في نزاعات عويصة و قضايا شائكة…؟؟
و ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية ..
و إدارة الأمن نفسها..
هذا محامي مزور مزيف لكنه أبان عن حرفية و مهارة و تمقليع و موهبة و دراية ..
عاد الآن إنتبهوا أنه نصاب و فطنوا ..؟؟
تأخروا كثيرا..كثيرا..
في كتاب بيير بيلمار عن أمتع وأفظع قصص النصابين خلال القرن العشرين تجد قصة المحتال الذي باع برج إيفيل في باريس و نصاب آخر عاد الى بلده بصفة ملك ليحكم في بلاط ألبانيا ..
بويع و قدمت للسلطان آيات الولاء ..
ظل ملكا بالتاج ثلاثة أيام قبل أن تكشف فضيحته..
كان الزمن زمن عزلة ألبانيا الفقيرة عن العالم ..
زمن غياب وسائل الاتصال بشكل شبه شامل..
اليوم يسهل جدا ضبط النصابين بسبب تقدم التكنولوجيا و ثورة الاتصال..
من إدعى أنه أمير..
أو صهر صاحب مول الباش و نسيب أخنوش أو قاض.. محام.. وزير ..والي أمن..عميد أمن..بروفيسور طبيب ..خبير استراتيجي ..رئيس محكمة..قنصل عام..مدير شركة طيران و مستشار صديق إيلون ماسك سيلقى عليه القبض بعد خمس دقائق من إعلان الصفة المشبوهة ..
إلتيقت مرة رفقة الصديقة الصحافية زهرة إيدموح نصابا غريبا..
خلطة من الجنون مع الاحتيال..
ثم إنتحال صفة مستشار ياسر عرفات..
هو أيضا رجل أعمال بارز.. مهم جدا جدا في تونس و لندن..
و قائد ربان الطائرة التي يسافر بها الرئيس عرفات…
ولك أن تتصور حجم الخيال العلمي الذي كان يحكي عنه بلا خجل و لا يرف له جفن..
قصص النصب تستحق كتبا و أفلاما لا تنتهي…
لأن النصب في كل مرة له متعة خاصة…تقرأ حكاياته و تضحك و تستغرب لحجم حشيش السماوي و الغفلة التي غفل بها الأغفال..
أين كان لقادمية الذين يعرفون ماذا تعشيت و تغذيت ..
و أين كان الشيخ و القايد و الباشا و عيون الدولة الساهرة ..
أين كانت هيئة المحامين ..أين كانت الدولة..
هذا نصاب محترف معلم خبير خارق ويستحق أن يضاف إلى كتاب ثمانين حكاية عن أغرب قصص النصب فتصبح 81 مع مشاركة مغربية إلى جانب نصابين كبار من أوروبا.. لنلعب مع الكبار..
الممثل البارع متابع بتهم مختلفة …
منها إدعاء صفة حددت السلطة العامة شروط إكتسابها…
الكاتبة مساعدة حامل البذلة السوداء المزور تتابع بتهمة المشاركة في النصب..
إنها مهزلة و مسخرة و شوهة خصوصا و أن القضايا التي تكفل بها الممثل صاحبنا كانت دعاوى بالمحكمة الادارية..
اللص الصحيح هو من يقصد الدار الكبيرة..
عيون السلطة تعرف بالتفصيل علاقة غرام بين شاب بائع خضر و الشابة بائعة خبز و بغرير ..
و يعلمون بالتدقيق الوقت و الدقيقة التي تأتي فيها المرأة إلى البيت الفقير لعشيقها المحزوق..
لكن العيون نفسها لم تشاهد المحامي المزور..
النصب ظاهرة تاريخية كونية ..كل العالم له نصيب في جيوش نصابين و نصابات يصولون و يجولون و يدعون ..
الافتراء و الكذب والإدعاء يتنفسونه كالهواء..
لنأخذ حقنا ضمن الصفوة و النخبة..
حققنا الرقم 81 ضمن قصص الكبار..
المحتالون طاقات و كفاءات تستحق أن تدرس فنون التشخيص و التمثيل وتلعب في المسرح والسينما..
أكبر تمثيلية هي الحياة نفسها..
تحية نضالية للنصابين..