حميد زيد – كود//

لا أعرف صراحة أين اختفى سمير عبد المولى.

ذلك الشاب الذي ظهر مع الأصالة والمعاصرة قبل أن ينتقل إلى العدالة والتنمية.

لتتحول حياته إلى جحيم. وإلى متابعات. و مشاكل لا تنتهي.

هل تتذكرونه.

هل تتذكرون سيارة سمير المجنحة.

وأمواله.

ولا أفضل من شخص في مثل مواصفاته ليصطاد الأولاد في ديسكورد.

و ليستدرجهم.

وليقدم لهم الطعم.

و ليقعوا في الفخ.

و ليغريهم بالحياة الجميلة.

و ليقنعهم بضرورة الخروج إلى الواقع. والحوار. والتفاوض مع المسؤولين.

وقد كان لسمير عبد المولى هذا دور كبير في فشل الربيع المغربي.

حيث تخلى بسببه عدد من شباب 20 فبراير عن النضال. وصاروا يقضون الوقت كله في القطار بين الدار البيضاء. والرباط. وطنجة.

وبسببه كانوا لا يستيقظون في الصباح. نتيجة السهر الطويل في الليل.

وبسببه ابتعدوا عن المركز.

إلى أن أصابهم الخمول. وأثرت عليهم الدعة.

و فقدوا كل رغبة في التغيير.

وأصبح الوضع القائم بالنسبة إليهم أفضل من أي مغامرة. غير محسوبة العواقب.

ومن أي ثورة لا تضمن لهم مكسب السفر إلى طنجة.

وكم تبدو الحاجة اليوم ملحة إلى شخص مثل سمير عبد المولى.

شخص قادر على أن يجعل الشباب في ديسكورد ينسون فكرة حل الأحزاب.

وينسون عزيز أخنوش

وينسون الصحة.

والمحاكمات الشعبية في الساحات العامة.

وينسون كل الهموم.

ليخرجوا إلى العالم.

ولتصير لهم أسماء. ووجوه.

لكن أينه سمير عبد المولى. وأين تلك الأيام الجميلة. التي كان فيها الجميع كريما.

ومستعدا للدفع.

والأحزاب تغري زعماء الحراك بالالتحاق بها.

والأثرياء الغاضبون من المخزن يغرونهم ويشغلونهم في المواقع.

بينما لا يوجد الآن شخص له القدرة على إخراج هؤلاء الشباب المختبئين في ديسكورد.

ولا يوجد من في نيته تحسين أوضاعهم.

والاهتمام بهم.

وإدماجهم.

وكل من يتواصل معهم

وكل من يمدحهم.

وكل من يحلل الحماقات التي يتلفظون بها على شكل مطالب. ويرى فيها وعيا. وحكمة.

فإنه يفعل ذلك ليربح منهم. و ليستغلهم. و ليصنع بهم حزبا. و ليحارب بهم رئيس الحكومة.

و لينتقم منه.

لأسباب تبدو مجهولة وغامضة. وتتعلق بمشاكل شخصية. ولا تهم كل المغاربة.

وبدل أن يخرج الأولاد ونراهم ونتعرف عليهم فإن منصتهم هي التي تبتلع كل من يحاول التقرب منهم.

وفي خيوطها يعلق كل من يحاول اكتشافها من الداخل.

والتقرب إلى أصحابها.

لكن أينه سمير عبد المولى.

وأين كريم التازي

الذي اختفى هو الآخر عن الأنظار.

ومنذ أن سلمته نبيلة منيب مفتاح الحزب

وهو في عزلة.

كما لو أن ذلك المفتاح كان لعنة أصابته.

وأصابت اليسار.

ولو كان كريم التازي لا يزال حاضرا. ومؤثرا. بمثل حضوره وتأثيره أيام الربيع المغربي.

لأثرى المواقع الإلكترونية

ولشغل

عددا لا يستهان به من شباب جيل Z في الصحافة.

و لصنع منهم نخبة المستقبل.

وأقلاما حرة سنحتاجها في الحراك القادم.

لكن أينه كريم التازي

و أينه سمير عبد المولى

وأينها سيارته المجنحة التي ساهمت في إخماد نار الغضب.

وأين إلياس العمري

وأين تلك الأيام الجميلة

التي كان فيها الشباب يخرجون بسهولة من الحركة.

بينما فقد المغرب الحالي

مثل هذه الوجوه

ومثل هذه البروفايلات

التي كانت تفهم مطالب الشباب

و كانت قادرة على جذبهم إليها

في حين تعجز اليوم الدولة

ويعجز الفاعلون السياسيون والاقتصاديون والمثقفون

وتعجز النخبة

في إخراج جيل Z من ديسكورد

ومن غرف الدردشة

إلى المغرب الحقيقي والواقعي

ومقابل ذلك

نرى

محاولات لنفس النخبة

لتسلق ديسكورد

والدخول إليه

في سابقة خطيرة

و في تجربة

وفي رحلة

قد لا يعود منها الكثير من الذين أقدموا عليها

وغامروا بعقولهم

و سمعتهم

ليصفقوا لمجهولين يطالبون بحل الأحزاب

وحل الدولة

وهدم

كل ما تم بناؤه.