حميد زيد كود /////
لا يمكن لعاقل أن يتخيل حوارا كهذا:
إلياس: ألو ناصر.
ناصر الزفزافي: كيف الحال أيها البيدق.
إلياس: هههههههه. واعرة هاد البيدق. منين جبتيها.
ناصر: كاين شي جديد فالرباط.
إلياس: أجي بعدا. واش تبغي تتآمر معايا على الملك.
ناصر: أنت غير جاد. وأرغب في ضمانة. قل لي هل تضمن لي.
لكن إسحاق شارية أكد أن هذا وقع. وأنه يتوفر على الدليل. وأن ناصر مستعد إلى أن يثبت ذلك أمام القضاء.
وأنه يرغب في إخبار المحكمة بكل خيوط المؤامرة.
ويمكن أن نتخيل علاقة ما لناصر بإلياس العمري. وأنهما اتصلا ببعضهما عن طريق الهاتف. أو أن وسيطا كان بينهما.
كل هذا ممكن. ووارد.
بينما قصة التآمر هذه تبدو مضحكة. وغير قابلة للتصديق.
وتورط الزفزافي أكثر.
وتجعلنا نشك فيه. وأنهم استولوا عليه.
وأنه صار في ملكية محمد زيان وتلميذه إسحاق شارية.
وأنهم يلعبون به. ويوظفونه. ويفرغونه من كل معناه. ومن رمزيته. ومن بطولته. ومن مطالبه. ومن ريفه.
وأنه أصبح طرفا في لعبة ما. وفي حسابات ما. وفي صراع ما.
وأنه صار هو البيدق. هذه الكلمة التي نعت بها في الماضي إلياس العمري. حين كان حرا طليقا. وقد صارت تلاحقه. ولصيقة به.
وعليه أن ينفي عنه التهمة.
وأن يبتعد. ويأخذ مسافة.
وأن يقول لاعلاقة لي بما يجري. ولست طرفا. ولا خصما لإلياس العمري. ولا بيدقا يستعمل للإطاحة به.
كما لو أن المحامي إسحاق شارية يقول إن ناصر كان يشتغل لصالح إلياس العمري.
وهو الذي ورطه.
وهو الذي قدم له الوعود. ثم تخلى عنه.
وهو الذي أضرم النار في الريف وأجج الاحتجاجات. وحرض عليها.
و لا شك أن إسحاق شارية ليس مجنونا كي يلعب هذه اللعبة.
ويغامر إلى هذا الحد.
فالاتهام خطير. وله تبعاته. وله عواقبه.
ولم يكن ليقدم على ذلك. إلا إذا كان ناصر الزفزافي قد فوض له الأمر. ومنحه الضوء الأخضر.
وإلا إذا كانت للمحامي هو الآخر ضمانات.
وكان مسنودا.
وإلا فهو أحمق. بينما الأمر مستبعد.
وسواء نفى ناصر. أو أكد كلام شارية. فإن ما حدث يدعو إلى الريبة.
ويجعل المتتبع يشك. ويتساءل.
هل تم اختطاف ناصر الزفزافي وهو في السجن. وهل تم توريطه في صراع سياسي غامض. أم أنه يلعب اللعبة منذ البداية.
وهل كان صديقا لإلياس العمري منذ البداية. ويدعي العكس.
وهل كان صديقا لصديقه.
ولا شيء أبدا في صالح ناصر الزفزافي.
ومنذ أن ظهر محمد زيان وتلميذه في الصورة. وهو يقول لنا: شكوا في.
ومع الوقت تزداد الشكوك.
ويزداد الغموض.
ويزداد التفكير في الضحايا. وفي كل ما وقع. وفي الأبرياء في السجن. وفي الأسر.
وفي الأمهات.
وفي الخوف الذي استولى علينا.
وفي الاحتقان.
وبعد كل ذلك.
يأتي المحامي
ويخبرنا أن حراك الريف لم يقع
وأنه كان مؤامرة
ضد الملك
وكان يقودها إلياس العمري
ثم وهو يحاول تبرئة موكله
يورطه
أكثر
فأكثر
ويجعله شريكا في جريمة أخرى
وشاهدا على مؤامرة لم يبلغ عنها
أو على الأقل
صديقا لإلياس العمري
في وقت كان يدعي فيه العكس.
ومهما كان المرء ساذجا
فمستحيل أن يصدق قصة أن يتصل إلياس بناصر ويقول له:
تعال يا ناصر لنتآمر على الملك.
لكن المحامي إسحاق شارية لديه الدليل
والزفزافي مستعد ليفضح صديقه وليعترف بكل شيء للمحكمة
وكيف حرضه.
وكيف رفض أن يتبعه.
ولا أغبى من براءة كهذه يحصل عليها الزفزافي.
ولا أغبى. إن لم تكن التهمة ثابتة. ممن عنت له فكرة المؤامرة هذه.
ولا أغبى ممن كتب هذا السيناريو.
فليس لعبا ولا دفاعا أن تتهم زعيم حزب ورئيس جهة بالتآمر على الملك.
وليس هينا ألا يكون لك دليل
إلا إذا كان إسحاق شارية واثقا
وكان الزفزازي فعلا لديه ما يثبت
ولديه التسجيلات
ويرغب في فضح صديقه أو خصمه.
لكن
ومرة أخرى نتساءل
وفي إطار جو المؤامرات السائد والذي يلاقي رواجا
هل وقع حراك الريف
وهل خرج الناس فعلا للمطالبة بتحسين أوضاعهم
أم لشيء آخر.
وهم يعتقدون أنهم خرجوا من أجل طريق ومستشفى ومعامل ليشتغلوا فيها.
وربما في القريب سنسمع الجواب من ناصر الزفزافي
أو من محمد زيان أو من إسحاق شارية
أو من ضحية من ضحايا الحراك
ربما سيأتي أحد
ويوضح لنا الأمر
أما ما يحدث الآن فغريب
ولا يمكن أن يطلق محام الكلام على عواهنه
ويتهم شخصا بعينه بالتآمر على الملك
وتستمر الحياة كأن شيئا لم يقع
و يطوى الموضوع
كأنه مجرد وجهة نظر
كأنه رأي
وطريقة دفاع
وكأننا في بلاد لا قانون فيها
ولا عدالة.