أنس العمري – كود///
كيف سبق وأشارت إلى ذلك “كود” في مقالها تحت عنوان “المجرمين دارو ما بغاو هاد الأيام فالمغاربة.. تعداو عليهم وكرفسوهم وكلشي كلا الدق حتى البوليس ووليتي كتشوف غا الدم والسيوفا”، الهيجان الخطير حاليا للمنحرفين والخارجين عن القانون ماشي جا فجأة كانت عندو مقدمات كثيرة.
مقدمات لاحت مظاهرها مدة هادي، وأعطت إشارات على أن المدن الكبرى، بالأساس، في الطريق لمواجهة واقع اجتماعي خطير شفنا كيفاش انفجر بعنف في وجه المغاربة.
وتجلت هذه المؤشرات في انتشار البزنازة وسط الأحياء السكنية، حيث أصبح نشاطهم يتوسع بشكل لافت، وكأن هناك خطة ممنهجة تهدف إلى فتح باب “الإدمان السريع” أمام الشباب، بهدف تكوين “جيش” من المدمنين يسهل التحكم فيه.
ولتحقيق هذا الهدف، بدأ الزحف من أماكن كانت بعيدة عن أنظار الأمن، والتسلل إلى قلب الأحياء السكنية المكتظة، حيث استقروا وباشروا أساليب ترهيب وتخويف السكان لإسكاتهم، قبل أن يفرضوا سيطرتهم على هذه الأحياء، ويحولونها إلى نقاط سوداء جديدة يعرف فيها بيع الممنوعات جهارا.
هذا التحول جعل “البلية” أقرب من أي وقت مضى لفئة الشباب، (قرقوبي، “بوفا”، كوكايين، حشيش، سيروا وغيرو) لي بغيتيه موجود. وكانت النتيجة مخيفة: ازدياد مهول في أعداد المدمنين، غالبيتهم من القاصرين، حتى أصبح من النادر أن تجد حيا يخلو من بائع مخدرات يروج بضاعته علنا.
وطبيعي أن يقابل هذا الانتشار الواسع للإدمان تصاعد في معدلات الجريمة. وهو تماما ما نعيشه اليوم. جيش من المدمنين يتحرك في الشوارع، مستعد للقيام بأي فعل إجرامي، مهما بلغت درجة العنف، فقط لتأمين جرعته اليومية، حتى لو كلفه ذلك ترويع وسلب ضحاياه.
جيش من الممكن أنه لي ساهم في تشكله بهذا الحجم وبهذه الدرجة من العنف هو التعامل بجدية هذه المؤشرات والتعاطي معها في بداياتها. فبالرغم من أن مظاهر الانفلات كانت واضحة وتزداد وضوحا يوما بعد يوم، مكانش حزم وخطوات استباقية لوقف هاد الزحف ديال البزنازة وزيادة انتشارهم وتوسيع نشاطهم، بل اكتفي فبعض المدن بردود فعل ظرفية لا ترقى إلى مستوى المواجهة الاستباقية الحقيقية. وهذا التساهل فسح المجال أمام المنحرفين لتوسيع أنشطتهم، بل ومنحهم شعورا بالحصانة، جعلهم أكثر جرأة في فرض سيطرتهم على أحياء بأكملها.
دابا لي عطا الله عطاه. ولمواجهة هذا الوضع المعقّد، لا يكفي الاعتماد فقط على المقاربة الأمنية، رغم ضرورتها. بل نحن في حاجة إلى استراتيجية متكاملة، تبدأ أولا بإعادة الاعتبار للعمل الأمني الميداني، عبر تعزيز التواجد اليومي والذكي لعناصر الأمن في الأحياء، وربط تدخلاتهم بتحليل دقيق للمعطيات المحلية. ويتعطى الدق الصحيح للبزنازة لأنهم هوما لي وصلونا لهادشي. ثم يأتي دور المقاربة الاجتماعية، التي يجب أن توفر بدائل حقيقية للشباب، عبر مراكز ثقافية ورياضية، وورشات للتكوين والإدماج، تفتح أمامهم أبواب الأمل بدل أن تتركهم فريسة سهلة للإدمان والجريمة.