كود الرباط//

تم إيداع وعرض مشروع قانون المالية برسم سنة 2025 أمام مجلسي البرلمان يوم السبت زوالا، وبعدها تم تقديم عرض مفصل أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب مساء نفس اليوم.

وعادة ما يكون عرض مثل هذا المشروع أهم حدث يعرفه البرلمان خلال الدورة الخريفية سنويا، ويكون مناسبة لمناقشة حصيلة القطاعات الوزارية والاطلاع على برامج عملها خلال السنة المقبلة.

وفي هذا الصدد، قال الخبير في الشأن المالي، عبد اللطيف برحو، في تصريح لـ”گود” أن عرض المشروع في هذا التوقيت يتزامن مع استمرار الحكومة في معالجة آثار زلزال الحوز، ومواجهة حالات عدم اليقين على المستوى العالمي، إضافة إلى آثار الصعوبات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي لا تزال ترخي بظلالها.

وأضاف برحو أنه “يستحيل التنبؤ حاليا بمآلات الصراع والتوتر بالشرق الأوسط وبشرق أوروبا، وبمدى تأثيراتها المستقبلية على أسعار النفط ومشتقاته وأسعار المواد الأولية ذات الحساسية المفرطة، والتي يحتاجها الاقتصاد الوطني”.

وتابع: “غير أن ما تضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2025 يعتبر ذا مستوى عالٍ من الطموح، ولا يمكن التكهن بمدى قدرة الحكومة على تحقيقه، خاصة استهداف نسبة نمو اقتصادي في مستوى 4,6% والحفاظ على نسبة التضخم في حدود 2%، وهي نسب جد طموحة في ظل الإكراهات الحالية وفي ظل الغموض التام وعدم اليقين على مستوى الاقتصاد العالمي”.

وشدد بروحو، في نفس السياق، أن ما تضمنه المشروع من مقتضيات جمركية وضريبية ومالية يعتبر ذا طبيعة إيجابية في عمومه، خاصة وأن الوضعية المالية والميزانياتية لا تزال تمثل إكراها حقيقيا أمام تنفيذ التزامات الدولة الاجتماعية على وجه الخصوص. وإذا ما تم النجاح في توفير الإمكانات المالية اللازمة للدعم الاجتماعي ورفع القدرة الشرائية سيعتبر إنجازا في حد ذاته.

ومن جانب آخر، يعتبر إعفاء تمثيليات الفيفا بالمغرب منسجما مع اعتزام المغرب تنظيم مونديال 2030، مع ما يتطلبه ذلك من إطلاق للأوراق الكبرى والمشاريع المرتبطة بذلك، على الرغم من أن هذا الأمر قد يثير الكثير من الجدل السياسي. وفق برحو.

ويتضمن مشروع قانون المالية 2025 إعفاءً كليا من الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل المطبقة على أجور غير المغاربة، ويستفيد من هذا الإعفاء الاستثنائي مجموع ممثليات الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، وذلك برسم أنشطتها وعملياتها.

ومن جهة ثانية،  قال برحو: “تعتبر مراجعة أسعار الضريبة على الدخل المطبقة على الأجور (في القطاعين العام والخاص) أهم المقتضيات الضريبية الواردة في مشروع قانون المالية”.

وأوضح المتحدث أن هذا الإجراء يأتي سياق تنزيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي لسنة 2021، ومن شأن هذا الإجراء أن يؤدي إلى رفع نسبي للقدرة الشرائية للأجراء والموظفين، وذلك على الرغم من أن هذه المراجعة لن تمس جميع الأجراء، وبشكل خاص اللذين كانوا معفيين أصلا من الضريبة على الدخل.

وأكد بروحو أن ثالث المجالات الكبرى لمشروع قانون المالية التي يمكن التركيز عليها تتعلق بمراجعة حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة، والتي سيتم رفعها من 30 بالمائة إلى 32%، وهي أول مراجعة من نوعها منذ سنة 1986، ومن شأنها أن ترفع الموارد الإجمالية للجماعات الترابية بأزيد من ملياري درهم سنويا.

كما يتضمن المشروع مجموعة مقتضيات جمركية وضريبية ومالية متعددة، غير أن ما يثير الانتباه هو استمرار ارتفاع عجز الميزانية التقديري، وهو ما يؤشر لاستمرار الصعوبات المالية والميزانياتية، ويطرح تحدي حقيقي حول قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، لذا يمكن أن نعتبر أن الوفاء بهذه الالتزامات ذات الطابع الاجتماعي إنجازاً في حد ذاته.

وأضاف الخبير في المالية العمومية :”أن الدعم الاجتماعي وحدة لا يكفي لمعالجة الاختلالات، بحيث يتعين التركيز أكثر على تأهيل القطاعات الاقتصادية ودعمها لخلق مناصب الشغل الكافية، ومراجعة طرق تدبير المحفظة المالية للدولة لتوجيههن لخلق الثروة ووضع بنيات الاقتصاد الرقمي والتحول الصناعي بالمملكة”.